أبوظبي تستضيف الاجتماع الثالث لمجموعة الاتصال حول ليبيا.;

تعقد مجموعة الاتصال حول ليبيا الخميس في ابوظبي اجتماعها الثالث للبحث في سبل مساعدة الثوار الليبيين لاسيما ماليا، ولتحضير مرحلة ما بعد القذافي. .

ولد داده: انتخابات موريتانيا يديرها الرئيس من برجه العاجي

اعلن زعيم المعارضة الموريتانية احمد ولد داده الاربعاء في نواكشوط انه "غير معني" بالانتخابات التشريعية التي اعلن الرئيس محمد ولد عبد العزيز الاثنين اجراءها في الموعد المحدد .

Hocine Redjala, réalisateur et militant kabyle arrêté à Tizi-Wezzu

اHocine Redjala le réalisateur engagé, et militant des droits de l’Homme et de liberté d’expression a été arrêté hier par les services de sécurité de Tizi-Wezzu afin d’être jugé ce dimanche 12 juin.ع. .

Kabylie : le couscous bien honoré à Tizi Ouzou

Le couscous fêté comme il se doit à Tizi Ouzou, à l’occasion de la tenue du 4ème salon Djurdjura du couscous. .

إKabylie : la commune d'Aït Zaïm fête l’olive et l'olivier

Après avoir tenu le pari d’organiser en juillet dernier la fête nationale de la poterie, l’association Tigejdit récidive avec celle de l’olivier du 18 au 21 mars. .

الاثنين، 24 يناير 2011

دين أم سياسة !

دين أم سياسة !

 

بعد خطبة القدافي ليوم الجمعة، إفتاء من السعودية بتحريم حرق النفس إحتجاجاً، وتعويضه بالصبر والإحتساب حتى وإن كانت ظروف العيش مزريه
 – الرياض (ا ف ب)
افتى المفتي العام للسعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ بتحريم قتل النفس حرقا للاحتجاج، داعيا المسلمين الى “الصبر والاحتساب” بعد ان شهدت دول عربية عدة حوادث من هذا النوع، بحسب ما افادت صحيفة الحياة الجمعة.
وذكرت الصحيفة ان المفتي “حرم قتل النفس حتى ان كانت الظروف المعيشية صعبة” واكد “ان قتل النفس بالاحراق جريمة نكراء”.
واضاف في محاضرة القاها في الرياض “ان احراق وقتل النفس من كبائر الذنوب وهو اقدام على شر، بل على المرء الصبر والاحتساب وبذل الاسباب النافعة والإقدام”.
كما ذكر بان قتل النفس بالحرق “جريمة نكرة ومصيبة عظمى لا يجوز انتشارها بين المسلمين ولا ينبغي للمسلم اللجوء لمثل هذا العمل الذي يعد انتحارا، وهو من الجرائم النكرة، وهذه الأعمال تشوه صورة المسلمين، وعلى المسلم التحمل والصبر”.
وانتقد المفتي “من يطبل ويعظم” هذه الممارسة، معتبرا ان هؤلاء “من ضعفاء الايمان والنفوس”.
وشهدت دول عربية عدة خلال الايام الاخيرة العديد من محاولات الانتحار حرقا.
وكان ثلاثة مصريين اضرموا النار في انفسهم الثلاثاء توفي احدهم متأثرا بجروحه في الاسكندرية، كما اضرم عاملان مصريان في شركة خاصة لصناعة النسيج في محافظة المنوفية (دلتا النيل) النار في جسديهما الخميس احتجاجا على قرار المسؤولين في الشركة بنقلهما الى اقسام اخرى.
وبدأت هذه السلسلة من الحوادث في السابع عشر من كانون الاول/ديسمبر الماضي عندما اضرم الشاب التونسي محمد البوعزيزي النار في جسده احتجاجا على سوء احواله المعيشية ومصادرة السلطات لعربة كان يبيع عليها الخضروات رغم انه يحمل شهادة جامعية.
وكان هذا الحادث بمثابة الفتيل الذي فجر انتفاضة شعبية في تونس سقط خلالها 87 قتيلا على الاقل بحسب السلطات وانتهت بسقوط الرئيس زين العابدين بن علي وفراره خارج البلاد يوم الجمعة الماضي.
وتوفي البوعزيزي قبل ان تؤدي هذه الانتفاضة الى سقوط نظام بن علي.

 

ؤسان

أخر الفساد الادارى بمستشفى السابع من أبريل.
لقد اخترت هذا العنوان والذي أتمنى أن يكون بالفعل هذا هو أخر الفساد الادارى بمستشفى السابع من أبريل وأرجو من الله أن تشرق شمس الإصلاح على هذا المستشفى وأن يتم معاقبة من سعى وتمادى في هذا الفساد دون حسيب أو رقيب.
إنني أكتب هذه الأسطر وبداخلي من الألم والحسرة على ما صار إليه هذا المستشفى ما لا يعلمه إلا الله لأنني قد عاصرت عدة مدراء بهذا المستشفى بحكم وظيفتي كمراقب مالي سابق بهذا المرفق ولم أرى وألاحظ شيء مثل ما لاحظته على المدير الحالي (ع.ب) من جشع وطمع وسرقة حتى ولو كان ذلك على حساب كرامته.
إن ما دفعني للكتابة في هذا الوقت بالذات هو ما وجدته مؤخراً في بعض المواقع الإلكترونية من بعض المقالات وردود الأفعال لبعض القراء وبدون أي تفكير وجدت نفسي أكتب هذه الكلمات أو بمعنى أخر هذه الشهادة في هذا المدير ومن يساندونه من مسئولين في بعض القطاعات الأخرى وهم معروفين عند أغلب الإخوة الذين يعملون بالمستشفى كما أنى أعلم ما هي الثمرة التي يأخذها هؤلاء المسئولين بوقوفهم ومساندتهم لهذا المدير.. صدقوني يا إخوتي القراء إنني لا أحمل أي حقد أو ضغينة لأحد حتى على هذا المدير إلا إن تصرفاته التي نمت على ما تم ذكره سابقاً من سرقة واستغلال ومراوغة في تمØ
�ير الإجراءات الغير قانونية حتى يتم توقيع الصك الذي يأخذ نسبته منه هي الشيء الذي كان حائلاً بيني وبينه وكلما حذرته من مغبات الأمور أجده يهددني بطريقة غير مباشرة بأنه سيقوم بإستبدالى بمراقب مالي أخر، وفى نهاية المطاف وبعد أن وصلت معه إلى طريق مسدود وفى نهاية السنة المالية ومعروف أن (الصيد السمين) في الصكوك دائماً يكون في نهاية السنة المالية لم أطاوعه في بعض الإجراءات الغير شرعية وبالفعل قام باللجوء إلى من يساندونه وتم تغييري بمراقب مالي آخر.. وحتى أختصر الكلام أقول له يا أيها المدير أتق الله فإنه يراك ويعلم سرك ونجواك وإن أفلت من عقاب الدنيا
فعقاب الآخرة أشد لأنك مُؤمن على هذا المرفق وخيانة الأمانة ليست بالأمر الهين.
” ويحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم” صدق الله العظيم.

بريد القراء: بوزيد ولد الشاويش “عطيه”

بريد القراء: بوزيد ولد الشاويش “عطيه”

 

فرخ البط عوام
تُرى هل “العِرق دساس” كما يقال ؟
هل شيم الرجولة والشجاعة، قيم متوارثة ؟ وبالتالي خصال الوضاعة والجبن والتملق كذلك ؟
القاعدة العامة، وفي عمومها تقول: نعم ، فسليل النبلاء نبيل، وقيم الشرف والشهامة عادة ما تكون متوارثة، وكذلك أجناس الذل والمهانة على أشكالها تقع.
ولنا في قائدهم وذريته وكل أتباعهم، العبرة يا أولى الألباب، عبرة الجهل والإجرام والشذوذ، بالرغم من 42 عام من السلطة المطلقة، والثروة المفرطة، والسلاح والنفوذ.
جميعنا يعلم بأن رأس نظام العوربة النازي شخصيا، هو من يقف وراء الحملة المسعورة، التي يتعرض لها المواطنين الليبيين الأمازيغ، بل وكل الأمازيغ عبر العالم، منذ أمد.
ولكن أيعلم الجميع ولو الشئ النذر عن اليد الطولى التي يُضرب بها الأمازيغ بكل حقد وغل مؤخراً ؟
إنها نفس اليد التي شبت وشُد ساعدها، بين الأمازيغ ذاتهم، وترعرع صاحبها بفضل كرمهم وتسامحهم، إنه “الجوكر اللي على كل سكه يُركب” القادم من “نيويورك” رأساً إلى جهاز الأمن الخارجي، لتصبح “الجماهيرية العظمى” ، أول بلدان العالم اكتشافا للجواسيس الدوليين، وشركائهم المحليين (الأمازيغ تحديداً ودوناً عن الآخرين) ، وكذلك أرحم دولة في العالم بأن أطلقت سراح كل أولئك الجواسيس الدوليين “المفترضين”، أو طلبت وبكل أدب جم ترحيلهم، وبدون أن تسترجل في أن تمس منهم شعرة واحدة، وبالمقابل نكلت ولا زالت بعملائهم المحليين “الأمازيغ”.
المخلب ، أو كما يقال بالطرابلسي: فوطة السنفاز هذا، هو: أبو .. أو .. أبى زيد إبن الشاويش دورده، مخبر المباحث العامة ، بالرحيبات وجادو، بجبل نفوسه، في زمن العهد “البائد”،
والولد سر أبيه ، كما يقال.
فبعد أن شب وترعرع : بوزيد، بين ظهراني الأمازيغ، و”تلحمت” أكتافه “وحناكاته” من خير: الرحيبات وكاباو، وأهلها الشرفاء، “استوظف” في سلك التعليم الأساسي كمدرس، وتدرج ليصبح نائب مدير مدرسة إعدادية بالعاصمة طرابلس، كأقصى طموح يطمح فيه أنصاف المتعلمين في زمن بلاد الدستور والقانون والكفاءة.
إلا أن الانقلاب الأسود على كل ما هو جميل ونبيل في بلادنا، كما قلب الملازم المخبر إلى : عقيد، قلب حال الـمعلم: بوزيد ، ليصبح محافظاً لمدينة: مصراتة..؟
وسرعان ما أظهر هذا المنصب معدن دورده الصدئ، وحقيقة أصله الجحود، حيث كانت واقعة اعتدائه بالضرب في حق أهالي ساكنة: مصراتة العريقة ؟ والتي ختم بها شهادة سؤ سيرته وسلوكه، حتى يحقق معايير وشروط الانخراط في جوقة الظلم والفساد الحديثة العهد بالسلطة، بل وحديثة العهد بالخير والنعمة، وحتي تكتمل رتوش الولاء، من مهانة وإذلال، سُجن على خلفية تلك الواقعة، وبأوامر من العقيد “الجديد” شخصياً.
ومباشرة وبعد طامة: ندوة الفقه الثوري، عام 1973، أطلقت الكلاب المسعورة، كي تسرح لتنهش وتنبح، فكان سراح: بوزيد دورده، ومن السجن مباشرة إلى وكيل وزارة الخارجية ؟ “شفتوا” أكاديميات التأهيل في جماهيرية الحقراء العظمي؟
ومن الخارجية إلى الإعلام كوزير ، ومن هنا إلى هناك ،، إلى رئاسة الحكومة ؟؟ نعم رئيس حكومة الجماهيرية ، رد سجون ، وبتهمة إستغلال السلطة والشطط في استعمال النفوذ ؟ وبعد ذلك تمرغ هذا “السوبر لقاق”، وقُلد العديد من المناصب والمهام، كما تُقلد الدواب بالأطواق، مقبلاً للأيادي لاعقاً للأحذية العسكرية، وظل دائماً، إلى جانب مثلث الشر والعداء لكل ما هو ليبي أصيل: عمر الحامدي، والقشاط ، وعبدالحميد الزنتاني، مخلب الحقد والحسد والغل ضد الأمازيغ.
فماذا في جعبة العقيد الدجال للأمازيغ يا ترى، خلاف هذا “القاراقوز”، وعرائس مسرحية تهم الجوسسة ؟

الأحد، 23 يناير 2011

كارثة غزو أعراب هلال وسليم للشمال الإفريقي 1050م.

كارثة غزو أعراب هلال وسليم للشمال الإفريقي 1050م.



في موطنهم الأصلي:تعود أصول هؤلاء الأعراب الذين غزوا الشمال الأفريقي حوالي منتصف القرن الحادي عشر الميلادي اٍلى مضر، استقروا في الحجاز على أيام العباسيين ، فنزل بنو سليم في ضواحي المدينة ، ونزل بنو هلال في جبل غزوان المرجع:[1] وكانوا في رحلات دائمة بين الشام والعراق ( رحلة الشتاء والصيف) ، وأثناء حركتهم  ، يغيرون على أطراف المدينة المنورة ، ويفسدون العمران ، ويسلبون وينهبون ، واشتهر بنو سليم بالإغارة على المسلمين أيام الحج في مكة والمدينة ، ولم تقدر الدولة العباسية على ضبطهم وقهرهم ، وبظهور الحركة القرمطية انضموا اٍليها مع من ٍانضم من قبائل بني عامر، وصعصعة، وربيعة، فأكثروا الفساد بالٍاعتداء على البقاع المقدسة ،ووصل بهم التهور اٍلى سرقة الحجر الأسود الذي احتفظوا به مدة عشرين سنة .
وأيام التوسع الفاطمي في بلاد الحجاز، تم القضاء على حركة القرامطة الفاجرة ، التي انسحبت بقيتهم اٍلى بلاد البحرين ، أما حلفاؤهم من بني هلال وبني سليم فقد نقلهم العزيز بالله اٍلى مصر لاستبعاد خطرهم عن بلاد الحجاز المقدسة، وأنزلهم العدوة الشرقية من النيل.
في بلاد النيل :استقرت هذه القبائل البدوية في الصعيد ، وكانت قبائل هلال تضم بينها أحياء من زغبة وجشم ورياح وربيعة وعدي، وكانت هذه العناصر مصدر صراع فيما بينها ، فعاثوا في الصعيد فسادا ودمارا (وقد عم ضررهم ، وأحرق البلاد والدولة شررهم )[2] فكان لزاما على الدولة الفاطمية معالجة أمرهم بعد تذمر أهل البلاد من جبروتهم واستفحال مقدرتهم القتالية في الحرب والسلب والنهب، فما هو الحل للمعضلة ياترى …؟
كانت بلاد المغرب التي قامت على أكتافها الدولة الفاطمية الشيعية ، في حالات مد وجزر لإعلان استقلالها ، وتمكن أخيرا المعز بن باديس الصنهاجي سنة 440 هجرية باٍعلان الٍانفصال والتبعية للخلافة العباسية ، واتبع هذا الاٍعلان قطع الخطبة للخليفة المستنصر الفاطمي وحرق بنوده الخضراء ، والدعوة على منابر افريقيا جميعها للعباس بن عبدالمطلب[3] والعمل على اضطهاد الشيعة وتحميلهم على اعتناق السنة المالكية ، وساءت منذ ذلك الوقت العلاقة بين مصر الفاطمية وافريقية الصنهاجية ، وأصبح شغل الفاطميين التفكير في الاٍنتقام ، فكانت مشورة الوزير ( أبو محمد الحسن بن علي اليازوري ) للمستنصر باصطناع ود القبائل الهلالية بالتفاهم مع أعيانهم ومشايخهم ، بتوليتهم أعمال اٍفريقيا … وكان المستنصر الفاطمي يسعى الى تحقيق أمرين :
* التخلص من خطر قبائل بني هلال وبني سليم المدمر للبلاد ، دون أن يكلفه ذلك مشقة في محاربتهم . ( اٍجلاء بالسبل السلمية ).
* الانتقام من الزيريين ( والمعز بن باديس) الذين استقلوا عنه ، واعلنوا تبعيتهم للخلافة العباسية ببغداد .
ومهما كانت النتيجة فاٍن الرابح الأكبر هو المستنصر ودولة الفاطميين ، لأن نجاح القبائل الهلالية سيضمن تبعية ٍافريقيا اٍليهم ، وفي حالة الخسران فاٍنهم قد تخلصوا من قوة كانت مصدر فساد عظيم في البلاد . فكانت مشورة الوزير قد أقنعت الخليفة بوجاهة الرأي وسداده ، فبدأت عملية تنفيذ الخطة بإصلاح ذات البين بين القبائل الهلالية المتناحرة فيما بينها ، بفضل العطاءات والمنح المقدمة لها ، ووصل عامتهم بعير ودينار لكل فرد منهم ، وأشرفت الدولة على تجهيزهم بالمؤن الضرورية للترحيل ، وأباح لهم اٍجازة النيل دون وصية [4] وقال لهم ( قدأعطيتكم المغرب وملك المعز بن بلكين الصنهاجي ،العبد الآبق ،فلاتفتقرون ) وقال لهم أيضا اٍذا جاوزتم مدينة برقة فأغيروا ولكم ماغلبتم عليه ، ثم كتب اٍلى ٍ المعز بن باديس ( أما بعد ، فقد أرسلنا اٍليكم خيولا ، وحملنا عليها رجالا فحولا ، ليقضي الله أمرا كان مفعولا )[5]
في الشمال الأفريقي :تحركت قوافل قبائل بني هلال بغضهم وغضيضهم ، ونزلت قبائل سليم برقة وخربوا المدينة الحمراء ، وأجدابية ، وسرت …. أما هلال ببطونها فقد ساروا جهة اٍفريقية (تونس) (كالجراد المنتشر لا يمرون على شيء اٍلا أتوا عليه )[6] وما كادوا يصلون ٍالى اٍفريقيا حتى عاثوا فيها فسادا ، فعظم الأمر على المعز الذي استنجد ببني عمومته الحماديين الذين أرسلوا له ألف فارس ، وجمع ألفا اخرى من زناتة ، زيادة عن جيش العبيد ، فبلغ عدد جيشه ثلاثين ألفا [7] فقرر المبادرة قبل استفحال أمر هذه القبائل الغازية ، ووقعة معركة ( الحيدران) التي انتهت بانهزام جيش المعز بن باديس هزيمة نكراء ، وفر بجلده نحو القيروان ، بعد انقضاض الأعراب على مضاربه ومخيماته فنهبوها عن آخرها بما كان فيها من الذهب والفضة والأخبية والجمال والبغال ….. وقتل من أتباع الحفصيين ما لا يقل عن 3300 مقاتل [8] ( لما انهزم المعز أمام العرب ، جالت الحرب من اٍفريقية واستولت عليها كلها ، قسموا بواديها على قبائلهم ، وصارت الحواضر محصورة لا يخرج منها ولا يدخل اٍلا بنفي ، ولم يبق اٍلا شرهم ممتدا وفسادهم على مر الزمان والدهور [ 9] ، واستمرت ملاحقة الهلاليين لبقايا الحفصيين ، بمحاصرة القيروان ونهبها واستباحتها ، (وخربوا عمرانها ومبانيها ، وعاثوا في محاسنها ،وطمسوا معالمها ، وجردوا قصورها مما كانت تحتويه من روائع وتحف ، فتفرق أهلها في الأقطار) [10] وتوسعوا غربا فوصلوا حدود قسنطينة وعنابة بعد أن سيطروا كلية على باجة وقابس ،وكانت سيوفهم ورماحهم لاترحم فحصدوا المقاومين حصدا وأبادوهم ، وأتوا على عمران اٍفريقية نهبا وحرقا وتخريبا ، وهو ما أجبر المعز بالتحول اٍلى المهدية بعد تحصينها وعاش فيها كئبا حزينا اٍلى غاية وفاته سنة 454 هجرية . ولم يسلم عمومة الحفصيين بعد تعرض القلعة لهجومات الهلالين المتكررة ، وانتهى الأمر بنهبها وحرقها وتخريب معالمها ، ونقل الناصر بن علناس العاصمة مجبرا الى بجاية .
قراءة للحادثة :يمكن قراء ة حادثة غزو الأعراب لبلاد المغرب قراءات متعددة ،تبعا لخلفيات كل انسان وميوله ، واتجاهاته وقناعاته ، وتلعب العناصر السالفة الذكر دورها في الٍانتقاء والحجب تبعا لما يراد الوصول اٍليه ، هذه السمات لا يمكن التجرد منها مهما حاول الباحث التحلي بالموضوعية . لذا قد تجدون في قراءتي ذانك الميل أتمنى أن لا يكون مفرطا حد الاٍسراف .
1) من حيث الفعل /
هذا الغزو المخطط يصنف ( بالحدث الحاسم) ( ولقد أحست أفريقيا الشمالية بألم عميق ، واٍلى الأبد بهذه النكبة )[11] ، فقد أجمع المؤرخون الذين درسوا الواقعة على أن الغزو الأعرابي لبلادنا تجاوز في خطورته كل الأعراف الحربية ، لأنه لا يختلف في طبيعته وهمجيته عن الغزو المغولي ، بقيادة هولاكو وجنكيز خان على بلاد الآسلام ، ومما يؤسف له هو غياب مبرر وجيه للفعل ، الذي يدخل فيما يعرف بالاٍنتقام لعدم التبعية والولاء ، والفعل في حد ذاته جريمة حرب ، عرفها الٍاسلام (بالحرابة ) التي تعني عند الفقهاء شهر السلاح ،وقطع الطريق ، وسلب الناس ، وأورد سبحانه وتعالى بشأنها ردعا قاسيا [ اٍنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم .] صدق الله العظيم /(سورة المائدة 33) .
2) من حيث الفاعل /
قبائل متمردة ، ذاق منها المسلمون الأمرين ، لم تسلم من جبروتهم وبطشهم حتى المقدسات ، ( نهب وسرقة الحجاج ، الآعتداء على الحرم ) ، أجلاهم الفاطميون من الحجاز ، أقاموا لمدة في الصعيد ، وكان الأهالي دائموا الشكوى من أعمال النهب والآٍختلاس والقوة التي جبلوا عليها ، فكان لزاما على الدولة التخلص منهم ، فكانت فكرة توجيههم اٍلى المغرب ، ولم يأتوا الى المغرب كمهاجرين مسالمين بحثا عن ظروف أفضل ، بل جاءوا للاٍعتداء على الناس في أنفسهم وأرزاقهم وممتلكاتهم دون رحمة وشفقة ، فهم مجردون من كل وازع أخلاقي وديني ،وحركتهم التوسعية هذه يشارك فيها جميع أفراد القبيلة صغارهم وكبارهم ،شيوخهم وشبابهم ، نساؤهم ورجالهم ، مشاتهم و خيالتهم ،…..
أي بتعبير اليوم جاءوا لاٍستقراروالاٍستيطان والاٍقامة ، على حساب الأمازيغ المسلمين الذين هم من ملتهم ؟ ، يختارون المناطق الخالية لحط الرحال ، ثم تبدا عملية الغزوالسلب والنهب لمناطق المحيطة والمجاورة …. وقد وجد ت الأسرالأمازيغية الحاكمة فرصة استخدام هذه القوة الجاهزة في صراعاتها المستحكمة على السلطة ، فأصبح الصراع بين البدو ( الغزاة) والحضر ( الأمازيغ ) السمة البارزة طيلة هذه العهود ، فغدت جرائم بني أمية أيام الفتح، أهون من جرائم الهلاليين وبني سليم بعد الفتح . فهم أبادوا الاٍنسان وقسموا الأراضي على قبائلهم ، ولم تشفع المصاهرات والزيجات التي تمت بين الأطراف المتصارعة في حقن الدماء . اٍن هذا الصراع الأبدي بين الحضري والبدوي يجعل من المغرب الحالي مركب عناصر متناحرة ، قد يصعب مصالحتها ، لأن الوافد متشبث بقيمه التراثية ويتجلى ذلك في التغريبة الهلالية بقصصهها ومروياتها التي تعد محل اعتزاز وفخر البدو ، على حساب تراث محلي زاخر يجمع بين الأصالة والاٍسلام ، فالأعراب مجبولون على طبائع بدوية يصعب التخلص منها فهم يؤثرون ولا يتأثرون ولو ايجابا …؟ وقد يتشابهون مع البدو الأمازيغ الذين هم على هوى واحد .
تشير بعض المراجع اٍلى أن عدد الوافدين من قبائل هلال وسليم ، لا يتجاوز الخمسين ألفا ، وهو عدد قليل لا يمكن أن يؤثر في التركيبة البشرية للمغرب ،توزعوا على أقاليم شتى بدأ من ليبيا حتى المغرب الأقصى ويبدو أن أفريقية ( تونس) أكثر حظا في عدد المستقرين بها . ويختصر تأثييرهم في المساهمة في تعريب البلاد بلسان مغمور بأمواج من اللسان البربري [12] ( اللغة الدارجة)، لأن الأمازيغ سبق لهم أن تمكنوا من العربية الفصيحة في بدايات المد الاٍسلامي على البلاد ، والمساهمة في ردع التحرشات الصليبية على بلاد الأندلس أيام الحكم الموحدي .
3) من حيث المنفعل /كثيرا ما يقال بأن التاريخ يكتبه المنتصرون ، وهو ما تم فعلا في بلادنا خلال القرن الحادي عشر الميلادي، ٍاذ حقق الأعراب انتصارات كاسحة على حساب الدول الأمازيغية القائمة ، ويبدوا تفسير الٍا خفاق واضحا في اعتماد باديس على جيش غالبيته من العبيد في معركة الحيدران ،مع خيانة العرب الحضريين له بانضمامهم اٍلى الهلاليين بنو جنسهم أثناء سير المعركة، مع تفكك في المجتمع الحضري الراكن لحياة الاٍستقرار واليسر، على عكس البدو الذين تطبعوا بصفة القساوة وقوة الشكيمة و الفروسية ، وهي صفات اكتسبوها من الطبيعة الصحراوية القاسية ، ومن كثرة تعاملهم مع الغزو في مختلف البقاع التي وصلوها ، كما أن السلالات الحاكمة من الحماديين والصنهاجيين لم يكونوا في مستوى التحديات التي جابهتهم ، لذا كانوا من الداعين والمتساهلين في استقدام هؤلاء البدو، وكثيرا ما كانوا يستعملون هذا القوة الجاهزة في صراعاتهم الداخلية المختلفة ، وبذلك زاد تنفذ هذه القبائل البدوية على مر الزمان ، ولم يستكينوا اٍلا للموحدين الذين قهروهم على يد عبد المؤمن بن علي ، فاتخذ منهم جندا ، واستنفرهم لغزو الأندلس سنة 555 هجرية ، وقد استكثر منهم أبو يعقوب يوسف ، وأبو يوسف يعقوب المنصور ، ويذكر المراكشي أن الجزيرة في أيامه من عرب زغبة ورياح وجشم وغيرهم نحو خمسة الآف فارس [13] .
الخلاصة :


مهما قيل عن هذه الأحداث ، فهي تمثل الحلقة الأوهن في تاريخنا الاٍْسلامي ، وأدخلت المغرب بكامله في سنوات الظلمة والاٍنحطاط ، ولم يستفق اٍلا على وقع النفير المرابطي ، والحزم الموحدي الذي بعث الحماس الديني لمقارعة المد الصليبي في الأندلس ، فكان ابن تومرت وعبد المؤمن خيرا منقذ من استمرار النهب والسلب والتدمير ،  وتمكن عبد  الله بن عبد  المؤمن بن  علي  تبديد شملهم  ، والقضاءعلى   شوكتهم  في  سطيف  ،   هذه الحرابة التي باٍمكانها أن تتحول بفعل الٍاندماج الإثني التدريجي مع الأمازيغ ، اٍلى عنصر بناء فاعل اٍيجابا ، في ظل قوانين دولة تجعل الناس سواسية ، لا تفاضل بينهم سوى بما يقدمه الفرد من تضحيات و خير عميم لأمته وأبناء بلده ..

الهوامش-----------------------------------
[1] المقريزي / اٍتعاظ الحنفا ص 234/ ابن خلدون ج6 ص 27. [2] ابن خلدون ج6 ص30.[3] ابن عذارى المراكشي ص399. [4] ابن عذارى ج1 ص 417. [5] ابن خلدون ج4 ص131 ، ج6ص31. [6] ابن خلدون ج6 ص 31. [7] تأكيد العدد على لسان الشاعر زرق الرياحي بقوله : ثلاثون ألف منهم هزمتهم ثلاثة آلاف وذاك ضلال [8] ابن عذارى ص 422 . [9] ابن خلدون ج6 ص 34. [10] ابن خلدون ج6 ص 34 . [11] جورج مارسييه . [12] ابن خلدون ج3ص 358 .[13] المراكشي ص 226.
المراجع /
1) أبو عبد الله الشماغ / الأدلة البينة النورانية في مفاخر الدولة الحفصية ، تحقيق محمد العموري طبعة 1984.
2) اٍيف لاكوست / العلامة ابن خلدون ، ترجمة الدكتور ميشال سليمان / دارابن خلدون 1978.
3) ابن عذارى المراكشي / البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب ج1 /دار الثقافة بيروت 1983.
4) تاريخ المغرب الكبير / العصر الاٍسلامي / عبد العزيزسالم / دار النهضة / 1981 .
5) Isabel ,COMOLLI/ HISTOIRE DE LA VILLE DE BOUGIE
6) عبد الرحمن ابن خلدون / كتاب العبر

محنة أمازيغ الأندلس في عصر الولاة

محنة أمازيغ الأندلس في عصر الولاة 





عندما تطالع كتب التراث تلا حظ أن اختزالا عاما وقع لفائدة العرب ، فلا تقرأ فيها سوى الفعل العربي مقرونا بالإسلام ، الفتح العربي الإسلامي للأندلس ! ، الحضارة العربية الإسلامية ! ، حتى ليخيل إليك بأن جزيرة العرب وبلاد الشام تحولت برمتها تجاه شمال إفريقيا والأندلس !! ، في ظل غياب شبه كلي لفعل الشعوب المحلية التي وقع عليها الغزو ، وأن العرب والإسلام جسم واحد غير قابل للانفصام والإنفصال ، ومنه يتضح مفهومٌ انغرس عند العوام أن لا إسلام بلا عروبة ، وأن الإنتقاص من العرب ونقدهم هو انتقاص من الدين ، وبذلك أصبح تقديم العرب وتأخير غيرهم من الأقوام عنوان لصدق الإيمان ، وخضوع كامل لذوي السلطان .
**عندما نتصفح هذه المصادر بنوع من الحصافة والذاتية ، نلحظ أن فيها توجيها مركزا لاختزال عمل وجهد عامة المسلمين بجعله عملا عربيا خالصا ، ولا أدري ما العيب بتسمية الأفعال والمنجزات باسم عام لا يقصي أحدا وهو (الإسلام) ، كقولنا الفتح الإسلامي ، والحضارة الإسلامية ، باعتبار أن العنصر العربي هو جزء من عناصر ومكونات عدة شاركت في الأفعال والمنجزات ، وقد يتساءل الإنسان عن مبلغ التضحيات التي قدمها الأمازيغ في غزو الأندلس تحت أمرة العرب ، ومبلغ العرفان العربي لهذه التضحيات ماديا ومعنويا .
** لا يمكن الجزم بأن التوسع العربي الأمازيغي على الأندلس عملا روحيا خالصا ، غرضه ديني لا دنيوي ، فا لظواهر والمعطيات توضح تداخلا بين الأمرين ، بل و ترجح غالبا المطلب المادي والمغنمي ، وهي مطالب غريزية في الإنسان ، قد لا يستطيع المعتقد إخفاءها أو منعها وحجبها .
** كما لا يمكن لأحد إنكار مبلغ التضحيات التي قدمها الأمازيغ في الفتح الإسلامي للأندلس ، والعبء الذي تحملوه في بقائه وانتشاره في شبه الجزيرة الإيبيرية بكاملها ، وهجرتهم إليها أسبق من هجرة العرب ، لأسباب مختلفة منها أنهم أقرب للعدوة ،وسباقون لدخولها تحت أمرة قائدهم طارق بن زياد ، بجيش قوامه 12 ألفا جله من قبائل الأمازيغ .
** سأقتصر على ذكر محنة الأمازيغ الأندلسية في عصر الولاة ، الذي يبدأ من التوسع عام92 للهجرة إلى سقوط آخر ولاتها يوسف الفهر ي عام 138 للهجرة ، على مدار 46 عاما تداول الحكم فيها 22 واليا كلهم من أرومة العرب دون غيرهم من المسلمين ، مارسوا سلطتهم باسم الخليفة الأموي وواليه بالمغرب ، وتباينت طرق تعيينهم تبعا للظروف المحيطة بالخلافة ، بعضهم عين من قبل الوالي السابق مثل (عبد العزيز بن موسى ) الذي عينه والده ، وتعيين من قبل الخليفة نفسه بدمشق مباشرة مثل … ( بن مالك الخولاني )، أو التعيين من قبل ولاة شمال إفريقيا وهو الشائع ، أو تعيينات فرضها الأندلسيون أنفسهم ، تبعا لرغبة فئة من الأندلسيين ( بلج بن بشر ، ثعلبة بن سلامة العاملي ، وثوابة بن سلامة الجذامي ، الذين نصبهم عرب الشام ، ) ، وتعيينات أخرى حُضيت بموافقة جموع الأندلسيين مثلما وقع في تعيين ( أيو ب بن حبيب اللخمي ، وعبد الرحمن الغافقي ، وعذرة بن عبد الله الفهري ، ومحمد بن عبد الله الأشجعي ، ويوسف بن عبد الله الفهري ) .
** وإن بدأ العقدان الأولان من عمر التواجد الإسلامي بالأندلس متجانسا ، بالرغم من الهزات السياسية التي اعترته ، لكون الجميع في رحلة بحث عن مناطق الإستقرار الملائمة لهم على حساب الأسبانيين ، أو الإنشغال بموارد الفتح الأولى وما أعقبها من خيلاء وأبهة ، ترجمها عبد العزيز بن موسى بزواجه بأيلة (EGILONA ) المسيحية ، أرملة لذريق ، وانشغاله بمظاهر السلطان والشرف ، وانهماكه الطائش مع أثرياء إشبيلية وبنات الملوك ومحضيات النبلاء ، والتي انتهت بإزهاق روحه على يد العرب أنفسهم ، وإرسال رأسه للخليفة سليمان بن عبد الملك بدمشق لضمها إلى جموع الرؤوس المخزنة داخل خزانة الرؤوس التي تتواجد داخل قصر خلفاء بني أمية .
**لم ينظر العربُ للأمازيغ نظرة الأنداد ، فقد استبد العرب بخيرات الأندلس دون سواهم ، كما استبدوا بالحكم وإدارة البلاد ، وتعداه إلى الإهانة وسوء المعاملة ولو عند تقديم الشكوى كما وضح ذلك مؤنس في كتابه ثورات البربر في افريقيا والأندلس [1] ،فقد ثار أمازيغيوا الأندلس أسوة بذويهم في شمال إفريقيا ، في عهد ولاية عبد الملك بن قطن ، الذي أجبرته الظروف على الإستنجاد ( ببلج بن بشر) المحاصر بسبتة ومعه جند الشام ، واستقدم فلول الجيش العربي من شمال الجزيرة باتجاه قرطبة ، وبدأت عملية الملاحقة والإبادة لكل من عرف بأنه أمازيغي ، ووقعت معركة دامية بين الطرفين على ودي سليط جنوب طليطلة ، انهزم فيها الأمازيغ بعد أن تمزقت صفوفهم ( وأذرعُوا فيهم القتل) حسب ما يذكره ابن عبد الحكم .
**وتنكرا لجهد الأمازيغ في عمليات الفتح ، سعى العربُ إلى إيقاف عوامل انصهارهم مع العرب، أملا في استبعاد المنافسة أوكل دعوة للمساواة ، وهذا واحد من زعماء العرب القيسية ( الصميل بن حاتم) يشهر العداء لكل المسلمين من غير العرب ، واستمر العنف العربي رغم محاولة الخليفة عمر بن عبد العزيز ردأ الصدع بين الفرقاء بتعيين وال جديد على المغرب ( اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر )أوصاه بالحلم والعدل ، لأنه أدرك أهمية وقيمة الإعتدال في كسب المؤيدين والمناصرين للإسلام ، غير أن المبتغى لم يتحقق بما فيه الكفاية ، لتمسك عرب القيسية بحقهم في الإمتيازات دون غيرهم من الأقوام ، وزاد الجبروت الأموي في عهد هشام بن عبد الملك ، وزادت الإساءة للأمازيغ الذين منعوا من حقهم في الغنائم ، رغم أنهم يُؤمرون دائما أن يكونوا رأس حربة للجيش الإسلامي ، ومنعوا حتى من ركوب الخيل ، وخمسوهم واعتبروهم فيئا للمسلمين [2].
** إن الرغبة الجامحة للعرب في الإستئثار بالحكم والجاه والنفوذ ، سبب تنافسا حادا مع الأمازيغ و فيما بينهم ، (أي بين اليمنية و القيسية )، وهو ما يثبت رأي دوزي في البرهنة بأن العرب لم يكونوا سوى مجموعات متعادية لا يربط بعضها ببعض أية رابطة [ 3]، وهو ما حذى بالمؤرخ العربي حسين مؤنس بوصفهم بشتى النعوت ، وكثيرا ما وصف اليمنية بالجشع على المال ، والميل إلى الفوضى والعجز عن التنظيم وحسن الإدارة [4] ، وبذلك تحول الإسلام على يد العُربان إلى عنوان للتنافس فيما بينهم للحصول على أكبر ما يمكن من المغانم والسلطان [5] ، وبقي الأمازيغ حيارى بين الفرعين ، يناصران طرفا ضد آخر بحثا لمكانة لهم ، وإن كانوا يرون في العرب البلديين أقرب لهم حلما وسجايا من عرب الشام .
**جرت معركة دامية بين عرب البلديين وعرب الشام قرب (أقوة برطورة AQUA PORTORA ) وبسبب صراعهم السياسي زهقت فيها آلاف من المسلمين الأمازيغ هدرا ، كان الواجب صرفها في تأمين الثغور الشمالية وزيادة التوسع في الأقاليم التي لم تفتح بعد ، ولم تشفع حتى محاولات أبي الخطار في تقليص حجم المشاكل إثر تعيينه على رأس الولاية عام 125 للهجرة ، وبتكاثر أهل الشام الذين لم تحتملهم قرطبة( فرقهم في البلاد ،فأنزل أهل دمشق ألبيرة لشبهها بها سماها دمشق ، وأنزل أهل حمص إش بيلية وسماها حمص، وأنزل أهل قنسرين بجيان وسماها قنسرين ،وأنزل أهل الأردن برية وسماها الأردن ، وأنزل أهل فلسطين بشذونة وسماها فلسطين، وأنزل أهل مصر بتدمير وسماها مصر لشبهها بها[ 6] ،إلا أنه سرعان ما انحاز لليمنية آخر الأمر ، وهو ما فتح جبهة لفتنة جديدة بين الفريقين تزعمها كل من أبي الخطار والصميل بن حاتم ، انتهت بانتصار الشاميين في تسيير أمور البلاد ، ولعب الداهية الصميل دور القيادة في الظل في اختيار الولاة وعزلهم وهو ما تجسد بوضوح خلال ولاية يوسف الفهري ( آخر ولاة الأندلس) الذي كانت ولايته صورية وعبارة عن صورة نمطية لما يريده الصميل ، وهو المتعصب لقوميته في اعتقاده الجامح بأفضلية العرب على بقية الأقوام المشكلة للنسيج البشري للأندلس ، بحيث لم يكن قادرا على فهم مباديء المساواة في الإسلام حسب ما أورده المؤرخ ابن القوطية ، [7] ، وتلك فترة انتقالية بين عصر الولاية والإمارة التي دشنت بظهور أخبار عن دخول عبد الرحمن بن معاوية أرض الجزيرة الخضراء بمؤازرة كثيفة من أخواله الأمازيغ ، وذاك فصل آخر من فصول التواجد الإسلامي في شبه جزيرة ايبيريا سيأتي الحديث عنه لاحقا .
**القراءة الواقعية لأحداث الأندلس طوال عصر الولاة ، الذي يبتدأ بغزو الأندلس بقيادة طارق وينتهي بحكم يوسف الفهري ، على مدار أكثر من أربعة عقود من الزمن توضح أن فعل الفتح دوافعه نفعية مادية أكثر منها عقدية ، وأن التحفيز المادي أسال لعاب الوافدين الذين توافدوا على هذه البلاد الأندلسية باعتبارها متنفسا بشريا للأمازيغ والعرب على حد سواء ، وهو ما أدى إلى تصادم في الرؤى والمصالح والتي تحولت إلى فتن عديدة بين الأقوام الغازية ، برهنت أفعالها بأن المادية طغت وتجذرت على حساب الروحية المعلنة ، وأثمرت جندا مرتزقة يلهثون وراء السبي والغنيمة والكسب الذي يدره فعل التوسع ،ولا شك في أن انهزام جيش عبد الرحمن الغافقي قريبا من باريس في معركة بلاط الشهداء مرده الحفاظ على الغنائم المُجمعة ، وهو ما يجعل تصورات وقراءات المفكر السعودي هاني النقشبندي في روايته ( سلاّم) سليمة وموضوعية ،
وقد برهن العرب على نواياهم التسلطية منذ البداية في علاقتهم مع أهل البلاد الأصليين ، أو علاقاتهم فيما بينهم ، وهم الذين نقلوا خلافتهم المشرقية باتجاه المغرب فيما يعرف بالصراع القحطاني العدناني في معركة مرج راهط ، وحادثة إساءة موسى بن نصير لطارق ماثلة للعيان ، وتجاوزات الولاة العرب الأندلسيين في حق الأمازيغ طافحة ٌ بها كتب التاريخ ، وهو ما يظهر حقيقة أن العرب ما جاءوا لنشر الإسلام ، بقدر ماجاءوا لحكم الناس والإستئثار بمقدرات البلاد التي وصلوها ، ولو بما لا يرتضيه الرحمن الرحيم ، وقد عبروا عن ذلك أصدق تعبير في تعاملهم مع الأقوام المستقبلة التي كان الواجب التعامل معها على أساس أنها من الفئة المؤلفة قلوبهم على أقل تقدير .
** مفصل القول أن الدارس لتاريخ الأندلس من منابعه ومصادره يصطدم بحقائق ترهبه وتصيبه بصعقة وقشعريرة ملؤها الخيبة والهوان ، ويكتشف من خلالها بأن ليس كل ما قيل لنا صادقا وحقيقيا ، وأن التاريخ الذي دُرّس لنا اختير بانتقائية محبكة ، وبمنظور هادف ، خلق أمة تعيش وهم الماضي بتجلياته الإيجابية دون إدراك للحقائق حسب وقوعها ، غُيب فيها العقل وقُدم التاريخ فيها كصور ذهنية مؤدلجة ، يظهر فيها الغازي كمخلص ومنقذ من اضطهادات سابقة رومية وبزنطية ، فهي بذلك أمة ترى بعين واحدة لا بعيون متعددة ، وهي وإن بدت ايجابية في ظاهرها إلا أن انكشاف وإكتشاف المستور والمبتور من التاريخ في زمن العولمة والثورة الإلكترونية ، يجعل من الغزاة شيئا واحدا ، وإن تعددت التسميات وتنوعت ألأساليب ،و قد يكون ذلك مبعث نقمة ونكسة في وسط الجيل الجديد الذي أصبح شديد المراس والتمرس ، إقناعه واقتناعه صعب المنال بعد أن أصيب بلوثة مبدأ الجرح والتعديل .
الهوامش والمراجع/ [1]حسين مؤنس،(ثورات البربر في افريقيا والأندلس بين سنتي 102/ 136 هجرية .)[
[2] أخبار مجموعة في فتح الأندلس وذكر أمرائها والحروب الواقعة بينهم لمؤلف مجهول28 /31/32].
[3] دوزي ، تاريخ اسبانيا الإسلامية .
[4] حسين مؤنس ، فجر الأندلس ص 197 .
[5] المرجع السابق ص 213 ].
[6] ابن ألأثير ، الكامل في التاريخ ،
[7] كان تعصب العربان لبني جلدتهم عميقا و«شوفينيا» الى درجة النرجسية، وقد(( روي أن «الصميل بن حاتم» زعيم القيسية في الاندلس، وكان أميا، أنه سمع معلما يقرأ على تلاميذه الآية القرآنية (وتلك الأيام نداولها بين الناس) (آل عمران: 140) فصاح بالمعلم موبخا وطلب منه أن يقول «نداولها بين العرب» ولما قال له المعلم إنها آية قرآنية، أجابه «الصميل» بان الله لا يمكن أن يشرك مع العرب أراذل الناس" ويقصد الموالي من أبناء مازيغ!.

الأمويون والقوميون.. عرابوا الفكر الشعوبي ج2


الأمويون والقوميون.. عرابوا الفكر الشعوبي ج 2



قد يعتقد بعضنا أن العروبية والشعوبية قد اختفت بانتهاء حكم الأمويين ، وانتقال الخلافة إلى العباسيين الذي قربوا الأعاجم ، لأنهم هم الذراع الأيمن في تأسيس دولتهم ، غير أن الحقيقة تُظهر أن الشعوبية غيرت موقعها فقط ، فأصبح العرب هم المتضررون من تسلط الموالي على السلطة عبر التأثير الفارسي ، والبويهي والتركي ، وهو ما انتج خلافة صورية ، بحكام أعاجم فعليين إلا ماندر ، وهو ما رسخ فكرة التقاتل والتنافس بين الأخوة الأعداء ووصل الحد الى إشهار السلاح فيما بين المسلمين ، بدعاوي عرقية أحيانا أو اختلافات مذهبية أخرى ، وهو مارسخ اعتقادا بأن الدولة الإسلامية شابها الكثير من التجاوزات والمظاهر التي تنزع عنها صفة الإسلام ، فهي في حقيقتها دول عضوض برداء شكلي إسمه الإسلام ، ويستمر الحال على حاله سقوط ونهوض ، ثم سقوطات و تخلف عام الى أن أطل علينا القرن العشرين ، عصر الإقتباس والتقليد من الغرب ، وأهم ما وصلنا وإن متأخرا ليس البدع الصناعية واساليب التمكين الإقتصادي والصناعي وإنما وصلنا الفكر القومي الأوربي ، الذي هو في تقديري هو استنبات وإحياء لفكر عصبية القبيلة عند العرب .

العروبية والشعوبية في القرن العشرين **:
عرف نشوء القوميات في أوربا زخما كبيرا ،خلال العصور الحديثة ، ونشأت دول قومية، حققت انتصارات ظرفية كانت قدوة في التنظير للعرب المشارقة ، وحلما طالما راودهم في بناء دولة قومية أسوة بغيرهم من الأقوام خاصة ألمانيا التي كانت نموذجا يحتدى به في هذا الميدان ،ولو على حساب أكبر دولة إسلامية آنذك وهي الدولة العثمانية . ونفس الإتجاه سار عليه الفرس في مقارعتهم للمد العثماني في الشرق .وأهم المنطلقات التي شجعت العروبيين على بعث هذه النزعة العصبية (وكأن التاريخ يعيد نفسه) لكن بأساليب جديدة: **انشاء حزب تركي قومي في اطار مايسمى بالحركة الطورانية مناويء للخلافة العثمانية ، ويهدف الى تكوين دولة للشعب التركي على اساس قومي. .**استلهام فكرة القومية من التجربة الألمانية القائلة بوجود قومية ثقافية ، إلا أن العروبيين لم يتحقق لهم ذلك الا ما بعد الحرب الكونية الأولى، بفضل السند الديني والفكري الذي أمده محمد عبده،وجمال الدين الأفغاني ، اللذان دعا الى حكم عربي مستقل ذاتيا عن الخلافة العثمانية ،من أجل احياء الاسلام الذي أصابه الركود..**استغل الأنجليز الفرصة وتنفذوا داخل عرب الجزيرة ، بفضل حنكة لورانس العرب الذي ساعد على نشر الفكر القومي والإمداد بالسلاح لإقامة دولة عربية...، ويعد هذا الضابط الإنجليزي لورانس الذي استغفل العرب المسلمين ولبس ملابسهم وقاد -وهو الإنجليزي النصراني- ما سُمي زورًا بالثورة العربية الكبرى، وجعلهم يقاتلون إخوانهم المسلمين في الخلافة الإسلامية العثمانية وهو ما يدل على قمة خبث هذا الرجل وقمة خيبة من اتبعه من العرب حتى أطلقوا عليه اسم( لورانس العرب)، وقد كتب في مذكراته ما يدل على صناعته للفكر القومي العربي حيث قال: "وأخذت طول الطريق أفكر في سوريا وفي الحج وأتساءل: هل تتغلب القومية ذات يوم على النزعة الدينية (يقصد الإسلام)؟ وهل يغلب الاعتقاد( الوطني) الاعتقاد الديني؟ وبمعنى أوضح: هل تحل المثل العليا السياسية مكان الوحي والإلهام (القرآن والسنة)، وتستبدل سوريا مثلها الأعلى الديني بمثلها الأعلى الوطني؟ هذا ما كان يجول بخاطري طوال الطريق" هكذا كانت سوريا في المخطط الصليبي، ولم يتأخر لورانس في تنفيذ مخططه على الأرض، فقد كان خبيرًا بكيفية التحايل على العرب، وبدأ يغرس الفكر القومي بديلاً عن الإسلام عند العرب ، وقد سمى مذكراته (أعمدة الحكمة السبعة) ومن اللافت للإنتباه أن قوات الاحتلال البريطاني في العراق الآن تنصح جنودها بقراءة مذكراته للاستفادة منها في التعامل مع العرب !؟
**كما أمكن العثور على مفاهيم القومية العربية في كتابات بعض المفكرين المسيحيين الذين طمحوا إلى الاستقلال بدعوى تفوقهم الثقافي والعرقي على العثمانيين ، الذين الحقوا بالبلاد الخراب والدمار . وعلى راسهم ، (ميشيل عفلق) مؤسس حزب البعث العربي القائل في كتابه (سبيل البعث) ما يفضح عداءه للإسلام كدين مهيمن يجب الانقياد له وحده إذ قال: "إن الأمة العربية تفصح عن نفسها بأشكال متنوعة في تشريع حمورابي، وتارة في الشعر الجاهلي، وتارة بدين محمد (!!) وأخرى بعصر المأمون".
**زيادة عن السند الفكري الذي أمده ساطع الحصري للقضية ، والذي يعد أحد المنظرين الكبار للقومية العربية. وكانت غالبية السكان غير مستعدة للانفصال عن الدولة العثمانية ، وما النداءات الإصلاحية إلا من أجل تحسين وضعها ،لمجابهة الخطر الغربي المعزز بتكنولوجية سلاحية لم تتوفر للعثمانيين بعد.الثورة العربية بزعامة الحسين بن علي شريف مكة **:تعد هذه الثورة التي أعقبت هزيمة دول المحور ،الشرارة الأولى المؤججة لحركة القومية العربية ، وإن كانت في ظاهرها تبدو وكانها تمردا إسلاميا من أجل المحافظة على الاسلام ، لكنها بأيادي عربية ،بعد رفض العثمانيين منح الاستقلال الذاتي وملكية وراثية لشريف مكة ، وساعدت أحداث فلسطين بين سنوات 1936/1939 على تحفيز المد العروبي في الشرق الأوسط ، .
-
استطاعت الأنظمة التي احتضنت فكرة القومية العربية في كل من- سوريا ومصر والعراق ثم ليبيا عن طريق الاستبداد والقهر والاستيلاء على أجهزة الإعلام وتعميق الجهل بالإسلام ومحاربة الدعاة المصلحين- أن تسلب المسلمين أصحاب الدين الحق والأرض والسيادة، بل والأكثرية العددية تمكنت من أن تسلبهم حقهم في السيادة على أرضهم بعقيدتهم الإسلامية لصالح الأفكار الوثنية ، كالقومية والوطنية ، وكان لافتًا دفاع النصارى والدروز وغيرهم من الأقليات عن القومية العربية بكل ما يستطيعون، في الوقت الذي لم يتنازلوا فيه عن عصبياتهم الطائفية المضادة للإسلام والمسلمين مرة واحدة. فتنكروا لتعا ليم الاسلام ، وهمشوا اللغات الأصلية ، وفرقوا بين الأمة التي أصبحت متناحرة متصارعة لغايات وأهداف ذاتية ، وظهرت الأفكار المضادة للقومية العربية على لسان أساطينها ، ( أو ما يسمى الشعوبية الجديدة ) تجلت في أحمد لطفي السيد ، ومن سار في نهجه ، أمثال عبد العزيز فهمي ، علي عبد الرزاق ، أحمد أمين ، وطه حسين الذي قال : (هذه الحضارة الاسلامية الرائعة ، لم يأت بها المسلمون من بلاد العرب ، وإنما أتو ببعضها من هذه البلاد - ويقصد مصر – وببعضها الآخر من مجوس الفرس ، ومن نصارى الروم ...).ونفس المنحى سار عليه المفكر السوري صاحب صدمة الحداثة ، ساخرا من قيم التراث والدين والأدب والشعر .وبذلك أصبح مسلم اليوم يعيش ازمة فقدان الشعور بالانتماء بسبب العولمة ، والعالمية والأنظمة المستبدة ، وأصبح في غياهب اللامنتمي خاصة الملتزم منهم ، فهو يحمل جنسيتين ، جنسية الوطن الذي يعيش فيه ، وجنسية الإسلام الذي يعتنقه ، فانحصرت دائرة الوطنية وماتت ، وانحصرت دائرة القومية حتى انمحت ، فلم يبقى إلا الاسلام، . ومفهوم الوطنية عندنا متنوع قد يكون بقعة أرض نسكنها أو حاكم عميل نصفق له ، نحن وطنيون وحدود وطننا هي الأرض التي نسكنها، وأمة الإسلام التي نحمل جنسيتها في قلوبنا وليس في جيوبنا .
نتائج النزعة العروبية والشعوبية والعبرالمستخلصة منهما: **
يمكن تدوين جملة من الاستنتاجات طفت منذرة بهدم الذات الإسلامية ومقوماتها أمام طغيان الغرب الذي سعى ويسعى بكل ما أوتي من قوة لتجسيد شعوبية الأديان والثقافات، ولكن بسلاح أكثر فتكا ودمارا ، وهو الشيء الذي يحدث فعليا في غزة فلسطين والعراق ، ودارفور والصومال ، والبقية تأتي لا محالة اّذا استمر المسلمون في التناحر والاختلاف الدعوة غلى النكوصية ، وابراز مخالب آيات السيف الجهادية دون وزن للمقدرات ، وما فشل القمم العربية المتوالية إلا البرهان الساطع على الهوان الذي أصاب الأمة
النزوع القومي أمر طبيعي في البشرية ، (حب الانتساب) ،والأقوام من خلق الله سبحانه وتعالى ومن آياته اختلاف الألسن والألوان والأقوام ، ، فالقوم هو المادةالخامة التي تصنع الحضارة وتعمر بها الأرض ، إذا اهتدوا إلى عقيدة تنظم لهم التعارف والتعاون ، وتنبذ لهم التعصب والتمايز والتنابز بسبب الجنس أو العرق . وميزان الكرامة في الاسلام ليس الإنتساب للعرق والجنس ،واٍنما هو التقوى والعمل الصالح ، وتُشرف الأقوام بمقدار عطائها وإنتاجها الذي يعود على الأمة جميعها بالنفع والرخاء .

**
اٍن بعث العروبية والشعوبية من مرقدها ، يبعث على التمزق والتشرذم ، وهو واقع نعيشه اليوم ماثلا في الصراع السياسي والفكري والاستعلاء الطائفي . وهو مدعاة للشعوب المنضوية تحت خيمة العروبة بالمطالبة بحقوقها اللغوية والقومية ، لأن انتسابها شكلي فرضته الأنظمة الاستبدادية القائمة والمتشبعة بالفكر العروبي المستلهم من يقظة القومية العربية في عهد جمال عبد الناصر في بدايات منتصف القرن العشرين
.

لم يصدر لحدالآن اتفاق يرضي الجميع بشأن البلدان التي يشملها تعريف القومية العربية ، ماهي البلاد التي تنظوي تحت** التعريف ؟ وما هو الانسان الذي يشمله ؟ وهل فعلا بلاد الشام ومصر وشمال افريقيا بلاد عربية ، أم أنها تعربت بالإسلام ، وهو أمر دفع سكان هذه البلاد الى نزوع قومي مضاد أشد،فهم لا يرون إلا القومية الفنيقية في الشام ، والفرعونية بمصر ، والأمازيغية في شمال افريقيا
.
لا شك أن القومية العربية كانت ردفعل على النزعة الطورانية ، وتلك كانت غفلة ، وعدم تبصر للمستقبل ، فاذا كان العرب قد **تعلموا العصبية القومية من تركيا ، فإن أقواما أخرى اقتبسوها عن العرب ، وحولها سلاحا مدمرا للذات والملة
.
**سعى القوميون العرب الى تعطيل كل وحدة تنبني على غير العروبة ، فاعترضوا بشدة على فكرة الجامعة الاسلامية ، في بداية القرن العشرين ، وأسسوا الجامعة العربية بديلا لها ،والتي كانت من صنع بريطاني خالص ، هذه الجامعة لم تستطع انجاز شيء ،سوى تقزيم القضية الفلسطينية بجعلها قضية عرب ، وليس قضية مسلمين ، وأصبح الجهاد فيها ليس في سبيل الله ، بقدر ماهو سبيل العروبة
.
ظهور مفاهيم جديدة في الساحة ، فأصبح العدو الأجنبي بديلا للعدو الكافر،و أعداء العروبة بديلا لأعداء الاسلام ، وذلك برهان** على ان القوميين العرب لاتهمهم قضايا المسلمين في افغانستان ، وكشمير والشيشان ، والصومال ، ولم ينصروا مسلمي البوسنة والهرسك أيام محنتهم وحربهم مع صربيا ، فهم إدن منعزلون تماما عن قضايا الإسلام والمسلمين ، كما أن السلبية التي أظهروها خلال فترة العدوان الاسرائلي على غزة (يناير 2009) أثبتت فشل الجامعة العروبية فشلا ذريعا ، (حماس تدافع باسم الاسلام ، أكثر مما هو باسم العروبة) وكان موقف الطيب رجب أردوغان سليل محمد الفاتح العثماني أكثر جرأة و نصرة للقضايا العربية ؟ من العرب انفسهم
.
الخلاصة
**:
العالم الاسلامي يضم في تعداده ما يقارب المليار ونصف من البشر، من أجناس وألوان وشعوب مختلفة ، ويتكلمون لغات عديدة ، والعرب (جزء صغير من هذا التكوين) ، لهم الفضل في أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان منهم ، ولهم كل الفضل في نشر دعوة الإسلام وإيصالها إلى جزء كبير من عالمنا الاسلامي اليوم ، غير أننا لا ننكر أيضا جهود غيرهم من المسلمين في التضحية بأرواحهم وأموالهم من أجل نصرة الاسلام ،عبر حقب التاريخ المتتالية ، زيادة على ما قدموه من خدمة جليلة للحضارة الاسلامية في شتى مناحي الحياة ، والأمثلة التاريخية خير شاهدعلى ذلك ، لذا لايجب ان لا يزايد أحدا على غيره من المسلمين ، ويكفينا فخرا أننا من أمة واحدة بعقيدة واحدة ، وبآمال مستقبلية واحدة هي انهاء الغطرسة الصهونية ، على فلسطين المغتصبة التي مازالت جرحا داميا في جسد كل مسلم أينما كان في هذا العالم الفسيح



الغزو العربي للشمال الإفريقي . الغزوة الرابعة 55 هجري

الغزو العربي للشمال الإفريقي . الغزوة الرابعة 55 هجري 






كثيرمن العظماء طَمس ذكرُهم الزمن وتناسهم ، لأنهم لا يملكون سندا عنصريا ، يروج لفعلهم ولو أنهم قاموا بجلائل الأعمال ، ومن هؤلاء الذين يكاد الزمن ينساهم ، وإذا ذكروا فيذكرون من باب أنهم خلفية للحدث والحديث ، أو يذكرون كتبع لغيرهم جُحدا لجهدهم ، فالمؤرخ العربي يمارس غالبا سياسة الكيل بمكيالين ، وسياسة الإنتقاء بأبشع المظاهر ، فهو يمد الخبر ويقصره ، يفيض في الحوادث أو يبترها ، مسايرة لرغبات أولياء الأمر وإن زاغوا وتجبروا ، وهو الإخفاء الذي طال شخصية أبو المهاجر دينار ، الذي لا يردُ إلا مقرونا بعقبة بن نافع الفهري ؟
** من هو أبو المهاجر دينار ..؟؟؟.
لم نعثر على كبير أثر حول أرومة الرجل ، ولا شخصيته ، فقد أغفلته كتب التراجم لأنه ليس بصاحب ولا تابع ولا عربي ، كل ما في الأمر أنه مولى ( أعجمي ) ،عاش في فترة الفتنة الكبرى ، وما لحقها من انقسام مريع في صفوف المسلمين بين تابع للخليفة علي بن أبي طالب وناقم عليه ، ويبدوا أنه كان من جملة الدائرين في فلك الناقمين ، وفلك أوليائهم المخلصين ، أتباع معاوية وكل الدائرين حوله .
فأبو المهاجر دينار هو مولى ( مسلمة بن مخلد الأنصاري ) الذي جمع ولاية المغرب ومصر في ولا ية واحدة ، وهو الذي أقنع الخليفة معاوية بتنحية عقبة الفهري لأسباب مسكوت عنها، وجعل المهاجر دينار محلهُ أميرا على إفريقية والمغرب كله لذكائه وفطنته ، ( وأنه صبر علينا في غير ولاية ، ولا كبير ميل ، فنحن نحب أن نكافيه )[1] ،وامتدت إمارته لها لسبع سنين كاملة (من 55إلى 62 هجرية)، وهو أقل فاتحي إفريقية ذكرا وأيسرهم لفتا لانتباه المؤرخين ، رغم ضخامة الجهد وخطورته، حسب رأي المؤرخ حسين مؤنس . ويذكر ابن الأثير( استعمل مسلمة على إفريقية مولى له يقال له أبو المهاجر، فقدم إفريقية ، وأساء عزل عقبة واستخف به ) [2] وقد بالغ المؤرخون في استنكار العزل ، والإستخفاف بعقبة ، ولعل لوالي مصر دور في توجيه أميره للفعل ، لسابقة بينهما لا نعلمُها ، كل ما في الأمر أن أبا المهاجر طبق أوامر ولي نعمته دون الخوض في أسبابها .

*** غزوة أبا المهاجر دينار.. وتأسيس ( تيكروان).
وصل أبو المهاجر دينار قادما من مصر ، على رأس جيش لانعرف عن عدده وعدته شيئا ، وقد يكون سكوت المؤرخين عن ذلك مرده وجود نسبة كبيرة من جيشه من غير العرب ، وبوصوله أساء عزل عقبة وسجنه ، لعل في ذلك شيء من تعليمات مسلمة مخلد الأنصاري الذي أنكر الأمر ، المهم أن سراح عقبة أُطلق بعد تدخل الخليفة معاوية في الأمر ، وغادر القيروان باتجداه دمشق مرورا بمصر ، ويذكر المؤرخون أن أبا المهاجر كره النزول بقيروان عقبة ، فبنى لجنده مدينة جديدة بالقرب منه ، باسم امازيغي قح سماها ( تيكيروان ) قد يكون الغرض منها اكتساب الشهرة والمجد ،أو تأويلات من قبيل خوفه من تمرد عرب القيروان ضده ، ولا يعقل تصديق أمر إخلاء القيروان ، أوإخلائها وتدميرها خاصة وأن المالكي يؤكد بقوله ( قد عاد وسكن القيروان بعد رجوعه من حملته على تلمسان[3].فكل ما كان يريده هو احترام الإنسان والمكان ، بتسميته القيروان ب ( تيكيروان)، وبإدراكة أن الغاية هي الإنسان الأمازيغي الذي هو المبتغى في نشر الإسلام .
.. أبو المهاجر دينار ...أول الداخلين للمغرب الأوسط ( الجزائر).

**كثيرمن القبائل الأمازيغية هجرت قراها نتيجة المد العربي ، وتأسيس القيروان زمن عقبة ، واتخذوا منطقة أوراس ملاذا آمنا لهم ولأسرهم ، وتجمع ثان للبرانس بين تيهرت ووهران ،الذين تكتلوا تحت أمرة ملكهم وزعيمهم آكسل( كسيلة) القائد المسيحي القوي لقبائل ( أوربة )[4]، ولا يستبعد أن تكون العلاقة بينهم وبين البزنطيين قائمة على المصاهرة ،و المصالحة وتبادل المنافع خاصة وأن البزنطيين هم أكثر المشترين للبضائع الأمازيغية ، وكان المهاجر دينار على علم بالأمر ، وسرعان ما قاد غزوا مركزا باتجاه تلمسان ، وكان في ذلك ( أول أمير مسلم ، وطئت خيلة المغرب الأوسط )في خطة استبعدت التصادم مع المدن الواقعة في خط سيره ، لعله يريد في ذلك اقتصاد الجهد والوقت ، والإحتفاظ على مقدرات الجيش ، وببلوغه تلمسان ، اصطدم بقوة كسيلة الأوربي ، دون إفصاح المصادر عن طبيعة المعركة وسيرها وصيرورتها ، كل ما ذُكر هو استسلام آكسل ، واعتناقه للإسلام بعد أن عومل معاملة حسنة من قبل المهاجر دينار ، وقد رافقه في طريق العودة إلى القيروان ،ويكون قد شاركه في غزواته اللاحقة ، ولم تفصح المصادر عن أساليب المهاجر في جلب أنصار جدد للإسلام سلما ، وقد يكون للصلح العادل ، و المعاملة القدوة ،دورهما في استمالة كسيلة وقبائل البرانس للإسلام ، وبأعداد لم يكن المؤرخ العربي يتوقعها ، وهو مدرك حقا لأهمية التعاون الأمازيغي العربي في إرساء سفينة عقيدة الإسلام في الشمال الإفريقي[5] ، وهي الغاية التي سعى إلى ترجمتها عن طريق إنشاء جيش أمازيغي مسلم على نطاق واسع ، وهي السياسة التي تنبه إليها قادة الغزوات المتأخرة، مثل موسى بن نصير الذي جند جيشا أمازيغيا بقيادة امازيغية زاد تعدادها عن الأثني عشرة ألفا ، كُلف فيما بعد بغزو الأندلس في بداية العشرية الأخيرة من القرن الأول الهجري ، وهو ما يتوافق مع ما ذكره المالكي بقوله ..( ثم أن أبا المهاجر صالح بربر إفريقية ، وفيهم كسيلة ، (الأوربي)، وأحسن إليه ، وصالح عجم إفريقية ،وخرج بجيوشه نحو الغرب ، ففتح كل ما مر عليه ، حتى انتهى إلى العيون المعروفة بأبي المهاجر نحو تلمسان ، ولم يستخلف على القيروان أحدا ، ولم يبق بها إلا شيوخ ونساء، ثم رجع إليها وقام بها [6].
** ثم اففتح أبو المهاجر المذكور مدينة ( ميلة الجزائرية) وكانت إقامته فيها وبضواحيها من بلاد كتامة نحوا من سنتين[7] وأسس بها ثاني مساجد الإسلام بها بعد جامع عقبة بالقيروان ، والذي لا زال قائما لحد الآن يطلق عليه محليا اسم مسجد ( سيدي غانم) ، ويبدو أنه بني على أنقاض كنيسة وهو ما عرضه لحفريات نتيجتها عبث الإستعمار الفرنسي بأجزائه ومكوناته ،ولا شك أن دور المهاجر دينار كبير في استمالة قبائل كتامة الصنهاجية للإسلام دون خدوش ولا إراقة دماء ، كما هاجم و حاصر قرطاجة عام 59 للهجرة ، وأرسل قائده حنش الصنعاني لغزو جزيرة شريك ، الواقعة بين مدينتي تونس وسوسة ، واستمر في الحصار والقتال حتى عقدوا معه صلحا أخلوا بموجبه جزيرة ( شريك) للمسلمين ، مقابل رفع الحصار على قرطاجة[8] ويتضح أن هذه السياسة الجديدة التي انتهجها أبو المهاجر دينار لم يستسغها الخليفة الجديد ( يزيد بن معاوية ) لطول حصار قرطاج دون احتلالها ، واستهجان أساليب اللين التي استعملها في جلب إسلام الأمازيغ عن طرق المؤلفة قلوبهم ، واختفاء المنافع التي تعودت عليها دار الخلافة من تحف المغرب وسبيها ومغنمها وفيئها ، وهي أمور سهلت التخلي عن أبي المهاجر دينار الذي فقد سندا قويا بعزل مسلمة بن مخلد الأنصاري عن ولاية مصر والمغرب ، وبذلك عادت أجندة القوة والجبروت في التعامل مع الأمازيغ من جديد ، وعادت ريمة لعادتها القديمة .

** في إمارة أبا المهاجر دينار ....عبرة.
المتتبع لما أورده المؤرخون رغم شحه ، يكتشف أن أبا المهاجر دينار عرف كيف يتعامل مع أجدادنا الأمازيغ ، وأدرك أن العنف والإرهاب ليسا سبيلا
صحيحا لنشر الإسلام،وأثبت ذلك في دنيا الواقع ، ووضحت سياسته أن السيف لا يجدي نفعا في العمل الدعوي وجلب الناس للمعتقد ، وقد برهن عن ذلك في استمالته للآكسل ومن وراءه من قبائل البرانس ، وبفضله انتشر الإسلام في ربوع المغرب الأوسط سلميا ، فلم تشر كتب التاريخ لتجاوزات تذكر ، فلا سبي ، ولا غنائم جائرة ، ولا قتل عمدي للفارين كما وقع في الغزو السابق ، وهو الذي كان ناصحا أمينا لخلفه وخصمه عقبة بن نافع الذي وضعه رهن القيد وبالحديد ، عندما لا حظ تجاوزاته وعنفه وعنصريته ضد آكسل المسلم ألأمازيغي مثله ، قائلا له :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستألف جبابرة العرب ، وأنت تعمد إلى رجل جبار في قوله ، في دار عزه ، قريب بالشرك فتفسد قلبه )[9].
*** كلمات يجب أن تقال :

* وأنا أبحث عن أفعال الرجل وخصوصياته وأخطائه ، تبين لي أن أبا المهاجر دينار يُعد صفوة لمن سبقوه من الغزاة المسلمين ، فهو لم يلتجيء للقوة إلا عند الحاجة ، وأدرك بحدسه و قوة شكيمته ، وايمانه العميق أن ما يكتسب بالسياسة والليونة واحترام الآخر، أفضل بكثير مما يؤتى عن طريق القتل والترويع والسبي والإحتقار الذي طال الموالي العجم ، ولا غرو أن أعجميته وملا حظاته وتجربته الحياتية ، هي التي وفرت له هذا الفهم المتسامح، والعجيب أن ذكرهُ قل ، وأن اسمه أفلَ ، ولا يذكره العربانُ إلا عرضًا ومن منطلق تقديس غاز سبقه ولحقه ،هو عقبة بن نافع الفهري ،فلا ندري للأمر تفسيرا ، وقد يكون لعجمة الأول وعروبة الثاني دور في ذلك ، أو أن السياسة التي انتهجها أفرزت عيوب خصمه ، وأبانت مبلغ الخطأ الذي وقع فيه عقبة تعاملا مع المسلمين الجدد، الذي يحتاج الى دراية ومقدرة على الضم والجلب ، وليس التنفير والطرد ،مصداقا لقوله تعالى (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ ،وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ،فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ،وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ، إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [10].
* فلو كان الميزان هو نشر الإسلام، وأن الغاية هي ايصال الإيمان لقلوب الأمازيغ ، لما كانت الحاجة لجبش عرمرم ، ولا لغزوات متتالية تأتي على الأخضر واليابس ، تبيد العرق ، وتقطع النسل ، وتستبدل أرومة أمازيغية ، بأخرى عربية وافدة ، كان الأجدى هو انتهاج سياسة كالتي انتهجها المهاجر دينار في نشر الإسلام عن طريق الإقناع والحوار ، غير ان سياسته لم تكن لتعجب الخلافة في دمشق ، فهم يرون قيمة إفريقية ، من قيمة ما تدره عليهم من نعيم الخيرات ، وكثير من الجواري الحسان ، والعسل المصفى ، وسخال الضان العسلية الألوان ، فلا يهمهم دخول أو خروج الأمازيغ من الإسلام ، بل قل أن بقاءهم على الكفر هو أنفع لأن حربهم ، والسبي منهم ، يكون مستباحا ومشروعا .
* لو كنت قادرا على قلب الميزان ، لنصبت تمثالين واحد لأبي المهاجر دينار ، وآخر للآكسل الشهيد ، واحللتهما محل صنم عقبة بن نافع ببطحاء بسكرة الذي اقامه العربان ومن سايرهم من ذوي السلطان ، لأن الأولان خدما الإسلام واحدثا لحمة حب بين المسلمين جميعهم دون عنصرية ، والثاني كان جبارا يسعى الى ترجمة جبروت الدولة الأموية العضوض في دنيا الواقع وعلى أرض سكانها مسلمون قبل غزوه .
* بعض من ذوينا أصابه العمي البصري ، واتلاف كلي لبصيرته ، فأصبح يرى الدنيء مقدسا ، والمقدس دنيئا ، فسارع الخُطى في تقديساته ، وأنشأ مزارا لعقبة في سيدي عقبة ، بعد مرور أزيد من خمسة قرون عن وفاته ، على شاكلة ما فعلوه في المغرب ، بتكوين ضريحين لأدريس الأكبر ، والأصغر ،بعد مرور قرون عن وفاتهما ، وهو ما يظهر الطابع الاستحواذي وبعث الفتنة ، والغريب أن ما يحاربونه في الحجاز من تهديم القبور وطمس معالمها ، واعتبار زيارة قبر الرسول من المنكرات ، والتفكير حتى في إزاله معلمه من المدينه ، فهو مباح عندنا ،ومستساغ، فقد أقاموا ضريحا للمعتمد بن عباد في( أغمات) واعتبروه مظلوما لأنه شاعر رومانسي وعربي ؟ ، وأقاموا تمثالا لعقبة في بسكرة ، ليذكرونا بالدماء التي أسالها غدقا ،والتجاوزات التي اقترفها ، في تحقيق المطامح السياسة لا الدينية لدولة الأمويين ، لأن الدين داسوه برقاعهم النتنة ، بقتالهم لآل البيت وهجوماتهم المتكررة على الحرمين المكي والمدني ، والذين لم يرتدعوا بقول الرحمن:
َ(لَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ،إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ، وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ ،وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)[11]
الخلاصة :
قد يصف البعض ما قلناه تحاملا على مقدسات ،وما هو كذلك ، لأن تقديرنا هو أن الأفعال المقترفة لا قدسية فيها ، فهي توزن بميزان الخير والشر ، وبرآى عقلية لا نقلية ، و بمنظور تاريخي لا ديني ، فالمهم هو الوصول الى الحقائق وتفسيرها وفك رموزها وطلاسمها ورؤيتها بالطريقة التي وقعت ، وبنظرات محلية ، وبعيوننا لا بعيون غيرنا ، وليس بالطريقة التي يريد البعض أن تقع بعد أن صبغوها بألوان زائفة ، وأحاطوها بقدسية منافقة، ولا عيب في تشريح الأخطاء ، وإنما العيب أن نبقى نفكر بطريقة الأولين رغم ما نلاحظه من عوز في الطرح والسرد والطمس المقصود ، لكل فعل يساعد على محاربة التوهمات الزائفة المغروسة في عقولنا الباطنة ، ويظفي إلى غاية ، ندرك من خلالها الفروق الجوهرية بين المجد الحقيقي والمجد المزيف ،أي ما يعرف بالفرق بين المجد والممجد


الهوامش ********
[1]ابن عبد الحكم ، فتوح مصر والمغرب ، ص 197.
[2] ابن الأثير ، أسد الغابة ...ج3 ص، 184.
[3] المالكي ج1 ص21. معالم الإيمان ج1 ص46.
[4] ابن خلدون ، ج6 ، ص 216.
[5]المرجع السابق ، ص 297.
[6]المالكي ، رياض النفوس ، ص 7.
[7]أبو المحاسن ، النجوم الزاهرة ، ج1، ص 157.
[8] نفس المصدر ، ص،152.
[9]ابن خلدون ، العبر ... ج6 ص146.
[10] سورة آل عمران ، الاية 159.
                              [11] سورة العنكبوت ،الآية 46

شرعنة اللا شرعية للأنظمة الاستبدادية

شرعنة اللا شرعية للأنظمة الاستبدادية
تنعق الأنظمة الاستبدادية بالشرعية حينما يضيق صدرها بأصوات وضجيج المعارضة الشعبية ضد استبدادها وفسادها , وتنسى فضل الشعوب عليها فى تنصيبها على كراسى الحكم , وتنسى تملقها وتذلفها المهين  للشعوب وهى تحبو على أعتاب السلطة , حتى إذا ما تمكنت من السلطة ادعت أنها صاحبة الشرعية بلا منافس, فسلبت ونهبت وزورت الانتخابات واقصت وعذبت وسجنت , وفصلت واخاطت الدستور على قياسها ومقاسها وقطعت الطريق قطعا مبرما على أى فرصة لتداول السلطة , وتناست أيضا أن الشعب هو الذى منحها الشرعية لخدمة مصالحه وطموحاته , ومن حقه أن يسحب هذه الشرعية من تحت أقدامها إذا ما حنثت بالقسم الذى اقسمت عليه عند توليها السلطة  
"اقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على سلامة الوطن والنظام الجمهورى ، وأن أرعى مصالح الشعب وأن احترم الدستور والقانون "
 وهذ قسم لا يخلو من دهاء ومكر واستعلاء وكان يجب أن يكون القسم : "أقسم بالله العظيم أن أرد الجميل للشعب العظيم الذى أولانى ثقته وأن أكون خادما لمصالحة وأمينا على أمواله وأمنه وسلامته , ومحافظا على كرامته , وأن لا أعبث فى دستور الأمة  بما يتعارض مع مصلحة الشعب والوطن , وأن لا أحكم فترة ثانية رغم أنف الشعب وأن أحافظ مخلصا على سلامة الوطن وأمنه , ولا اكون عميلا لأى جهة أجنبية ولا خائنا للشعب والوطن , والله على ما أقول شهيد "
فقد عرف عن الأنطمة الاستبدادية الفاسدة أنها تحب المال حبا جما وتنهبه نهبا لما , وتكره الشعب كرها دفينا , وتستبيح دمه وأرزاقة استباحة الذئب للغنم , ولا مانع ان تمد يدها لأعدائه ليكون عونا لها عليه . وهى بذلك تخرج على شرعية الحكم والشرعية الدستورية , وتخرج على القانون الذى لا يبيح السرقة والنهب والقتل والتعذيب . فلا يحق لهذه الأنظمة أن تهلل بالشرعية المنتقصة بوجودهم شرعا وقانونا  , وهى قد خرجت عليهما, وعلى إرادة الشعب 
وحيث ان الشعب هو كيان الأمة , والأمة هى مصدر السلطات , والحاكم يأتى بالاختيار الحر للشعب , فالشعب هو صاحب الكلمة وهو صاحب المصلحة الحقيقية فى الوطن وصاحب الشرعية الأصيل وهو الذى يختار من يخدم مصالحه الوطنية .. ويوليه ثقته , ويسحبها أيضا , ولا يحق للحاكم أن يجعل من نفسه وصيا على شعبه ومستبدا به ولا أن يستمر فى الحكم حتى يبلغ من العمر أرذله, والعته مبلغه. 
ومن المؤسف أنه لا توجد آلية دستورية لمحاسبة الحاكم عندما يخطئ فى الدستورالمغربية 
فالحاكم المغربي فوق المسائلة والمقاضاة أثناء توليه الحكم , ولا يسأل عما يفعل! 
بل هو الجهبذ والألمعى الأوحد وصاحب التوجيهات السامية , ولا يشق له غبار فى كل الأخبار , حتى إذا ما ذهب إلى الآخرة أو فر هاربا  من مصيره الأسود كما حدث مع الرئيس السابق لتونس زين العابدين بن على شحذت عليه السكاكين وبانت كل مصائبة ومصائب أهله وزبانيته  للخلائق ..
فلماذا السكوت عن مصائب الحكام وبلائهم للشعوب وهم على رأس السلطة ؟
إن سلامة الدستور وشرعيته هى اللبنة الأولى التى يتأسس عليها العدل والمساواة وتحمى العلاقة بين الحاكم والمحكوم . فالدستور هو فى المقام الأول عقد اجتماعى بين الحكام والشعب ..

الخميس، 20 يناير 2011

متى تنطلق الثورة المغربية ؟

متى تنطلق الثورة المغربية ؟

محمد داير

رغم قوة تأثير الدرس البليغ الذي أحدثته الثورة التونسية في الشبكة الدماغية لكثير من المعوقين عقليا في المغرب 
رغم أن سحرة فرعون سيستمرون في الضحك على شعوب بالغت في التسامح مع اللصوص والمفسدين والعملاء ، فإن كثيرا من المغاربة الأحرار ينتظرون ساعة انطلاق ثورتهم ماداموا يعيشون حالة مشابهة لنظام زين العابدين بن علي البائد ، والغريب في الأمر أن نواب البرلمان المغربي المزور والوزراء ووجوه التلفزيون مصابون بحالة خوف هستيرية من أن يجدوا أنفسهم يوما ما على قارعة الطريق ، ما داموا يدركون في قرارة أنفسهم أنهم ليسوا أهلا لتلك المناصب .
مَن مِن المغاربة لا يعرف أن الحكومة مجرد ديكور لتلميع واجهة مؤسساتية يحاول النظام المخزني إيهام المعوقين ذهنيا بوجودها ؟ مَن مِن المغاربة لا يعرف أن جميع البرلمانيين مجرد عبيد للنظام المخزني وللرصيد السمين الذي يحصلون عليه من عرق مستضعفي الشعب المغربي ؟ مَن مِن المغاربة لا يعرف أن أغلب البرلمانيين أميين في القراءة والكتابة والسياسة ولم يفوزوا بالانتخابات التي تتحكم وزارة الداخلية في نتائجها وتمويلها إلا بشراء أصوات المشردين والمجوعين ونزلاء الخيريات ضحايا منظومة سياسية واجتماعية فاسدة ؟ .
وبالإضافة إلى الأمراض الاجتماعية التي أفرزتها المنظومة المخزنية الفاسدة ، نتيجة المحسوبية والرشوة والفساد الإداري ، يسود اعتقاد لدى الكثير من المغاربة مِن كون التخلق بأخلاق المخزن هو السبيل الوحيد للحصول على بعض الخدمات بدل الاستقامة ، وأسوق مثالا على ذلك ما قاله مواطن مغربي مِن أن تطبيق ما يسمى " القانون " في المغرب لا يصلح للفئات المهمشة ، فعندما طلب من " عون سلطة " أن يحرر له شهادة السكنى ، أفرط هذا الأخير في مطالبته بوثائق غير ملزمة .. وفي الأخير تفاوض الطرفان في المسألة ، ليحصل المواطن على " الشهادة " مقابل " رشوة " .
وإذا كان " عون السلطة " فاسدا ، هل يكون القائد الذي يزوده بمعلومات عن المجتمع أنظف منه ؟ وهل يكون رئيس الدائرة الذي يزوده القائد بمعلومات وردت من عون السلطة أنظف منهما ؟ وهل يكون العامل الذي يزوده رئيس الدائرة بمعلومات وردت عن القائد عن عون السلطة أنظف منهما جميعا ؟ .. وإلى آخر الحلقة سنكتشف أن المعلومات ملغومة وأن التربية مفقودة ، وبالتالي إفراز منظومة سياسية وثقافية واجتماعية فاسدة يكتوي بنارها أبناء الفقراء والمهمشون ، والذين يحاولون الهروب من البلاد عن طريق هجرة شرعية محفوفة المخاطر شاء العالم الاستعماري الظالم أن يسميها " هجرة غير شرعية " .
الذي يجب أن يعرفه المغاربة اليوم أكثر من أي وقت مضى ، أن المعلومات التي تتحدث عن الاستقلال الشكلي والمنقوص باتت مؤكدة ، وأن الثورة التونسية التي فاجأت العالم بسرعتها فضحت الأنظمة العميلة والغرب الاستعماري ، وأنه لا يوجد هناك شيء اسمه " تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي " سوى بعض عملاء الموساد الإسرائيلي و " سي آي آي " تم إعدادهم لمهمة تخويف الشعوب من التغيير والمطالبة بالحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية ، ومادام هناك تنسيق بين الأنظمة الحليفة للولايات المتحدة ومن بينها المغرب حول محاربة " ثورات الشعوب " والتي استبدلت زورا بمحاربة " الإرهاب " ، فإن التآمر بين الدكتاتورية والإمبريالية على الشعوب أصبح حقيقة مؤكدة .

شارك المحتوى

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More