الجمعة، 26 نوفمبر 2010

عائلة دبوس ... من العائلات المصرية ذات الأصل الأمازيغي

عائلة دبوس ... من العائلات المصرية ذات الأصل الأمازيغي



عائلة أبو دبوس العريقة فى محافظة البحيرة، من العائلات الكبيرة التى حفرت اسمها فى التاريخ المصرى الحديث، وهى بجانب حرصها على وصول أبنائها إلى أعلى المناصب، وحصولهم على الدرجات العلمية من أكبر الجامعات المصرية والأجنبية، إلا أنها تظل العائلة الأكثر وفاء لأهالى قرية نكلا العنب، بمركز إيتاى البارود بمحافظة البحيرة، حيث رفض أبناء (أبو دبوس)، العائدون بشهاداتهم العلمية من جامعات أوروبا، اللهث وراء إغراءات القاهرة المادية ونجوميتها، وفضلوا البقاء فى قريتهم بين أهلها البسطاء، فأنشأوا المدارس العامة، والأزهرية، والمستشفيات والصيدليات، وهو ما أحدث طفرة كبيرة فى هذه القرية الصغيرة، التى فرخت لمصر رموزا مهمة فى مناحى الحياة كافة.


هذه العائلة ترجع بأصولها إلى الملك الواثق بالله أبى العلاء، إدريس بن محمد بن أبى عبد الله، محمد بن أبى الحفص بن عبد المؤمن، الملقب بأبى دبوس، ويقال إنه سمى بأبى دبوس، لأنه كان يستخدم الدبوس (آلة حرب شبيهة بالسهم)، وكان يصوبه ببراعة، وهو ملك المغرب العربى (تونس والجزائر والمغرب) وقتها، وآخر ملوك دولة الموحدين بالمغرب العربى والأندلس، قتل على يد أعدائه من بنى «مَرين»، وهرب أبناؤه وأحفاده، وتفرقوا فى شمال إفريقيا وخاصة فى تونس وليبيا،
وهاجر آخر جزء منهم إلى مصر، واستقربها بقيادة الأمير «منصور أبو دبوس» حفيد الملك الواثق بالله أبى دبوس، وتحديدا فى قرية نكلا العنب التابعة حاليا لمركز إيتاى البارود، بمحافظة البحيرة، وذلك فى عهد المماليك (وكانت قرية صغيرة على ساحل نهر النيل فرع رشيد- وكانت تسمى محلة نكلا، ثم كفر نكلا، ثم نكلا العنب، وكانت عبارة عن مزرعة عنب، ومصنع لعصر العنب وصناعة النبيذ، لأحد المصريين الرومان القدامى ويدعى «أكيليس»، وهذا هو سبب تحريف الاسم وصولا إلى نكلا العنب «الاسم الحالى للقرية»، فاشتروا الأرض وبدأوا حياتهم من جديد بمصر وبعادات وتقاليد مصر، وقاموا بمصاهرة الأهالى وعائلات المناطق المحيطة، مما أعطى لهم قوة اجتماعية تضاف إلى قوتهم المادية، وتحل محل المجد والملك السابق الضائعين، اللذين تركوهما خلفهم فى المغرب العربى،


ومرت عليهم السنون وهم على هذه الحال، حتى دخل «محمد على» مصر، وأقام الدولة الحديثة، فكانوا من ضمن الذين آمنوا بالتحديث والتطوير وتنمية الاقتصاد والوطن، وقاموا بتعمير الكثير من الأراضى وزراعتها، وأقاموا علاقة طيبة وقوية مع أسرة محمد على،

فكان منهم محمد مصطفى دبوس، مأمور البحيرة فى عهد الخديو عباس حلمى الأول، وكذلك خليل بك دبوس، الذى ساهم فى بناء القناطر الخيرية (فى عهد محمد على)، وقام ببناء جسر نهر النيل (فرع رشيد من الجهة الغربية من التوفيقية حتى شبراخيت)، الموجود إلى الآن، وأيضا الشيخ أحمد طايل دبوس عمدة نكلا العنب فى ذلك الوقت، والذى اختاره الخديو إسماعيل مع أربعة آخرين من العمد والمشايخ والأعيان، ليكونوا ممثلين لإقليم البحيرة، وهو من أوائل أعضاء مجلس شورى القوانين 1866 (أول مجلس نيابى ينشأ فى القطر المصرى) وفى أول دورة للانعقاد له،


ثم توالى بعد ذلك النواب من عائلة دبوس على البرلمان المصرى، فكان النائب الوفدى محمد طايل بك دبوس، عضوا ونائبا لفترة طويلة، تبعتها محاولات أخرى من أبناء العائلة، كان آخرها ترشح المحاسب هشام نعمان دبوس فى انتخابات مجلس الشعب عام 2005, ولم يحالفه الحظ فيها.


العائلة تعود عن طريق مؤسسها، إلى قبيلة من البربر تسمى «كومية»، وتجمع عائلة أبو دبوس بين الأصالة والمعاصرة، فقد قام أبناؤها ببناء المنازل الحديثة ذات الطابع الارستقراطى، والاهتمام بالتعليم سواء داخل مصر أو بإرسالهم إلى أوروبا للحصول على أعلى الشهادات العلمية من جامعاتها، وأشهرها جامعتا «كامبريدج» بالمملكة المتحدة، و«السوربون» بفرنسا،


فمنهم الشيخ محمد على مصطفى دبوس، الذى حصل على ليسانس الحقوق من مدرسة الحقوق فى أواخر القرن الثامن عشر (زميل مصطفى كامل)، والدكتور أحمد طايل دبوس، الحاصل على درجة الدكتوراه فى أمراض النساء والتوليد بجامعة كامبريدج سنة 1924، وأحمد بك دبوس الحاصل على شهادة القانون من جامعة «السوربون» أواخر القرن الثامن عشر، والمستشار إسماعيل دبوس الحاصل على دكتوراه فى القانون من السوربون أيضا، وغيرهم ممن تعلموا بداخل القطر المصرى أو خارجه فى أوروبا وأمريكا،


رغم ذلك كله رفض أغلب أبناء العائلة، الذين درسوا فى الجامعات الأوروبية، الإقامة بالقاهرة بعد عودتهم إلى مصر، وفضلوا الإقامة فى قرية «نكلا العنب»، حتى أن الدكتور أحمد طايل دبوس، رفض التدريس فى طب قصر العينى والإقامة بالقاهرة، وقام بإنشاء عيادة ومستوصف فى القرية، لخدمة أهلها ووقايتهم من الأمراض دون مقابل مادى.


ولم ينحصر اهتمام العائلة بقرية نكلا العنب فقط، بل امتد إلى القرى المجاورة فأنشأوا أول مدرسة فى إقليم البحيرة، وهى المدرسة العلوية الإسلامية سنة 1898، وسبب تسميتها بالعلوية، نسبة إلى والد الشيخ محمد على دبوس، زميل الدراسة مع الزعيم الراحل مصطفى كامل، الذى نفذ تعليمات الزعيم بنشر التعليم فى أرجاء الوطن، وخاصة القرى بهدف الخلاص من المحتل الإنجليزى،

وحثت العائلة الأهالى فى نكلا والقرى المجاورة على إرسال أبنائهم إلى المدرسة، وقام بافتتاحها الخديو عباس حلمى الثانى، ومعه نخبة من الأمراء وكبار رجال الدولة، وزعيم الحزب الوطنى مصطفى كامل باشا، ورجال الحزب وأعضاء جمعية «العروة الوثقى»، وأقاموا فى ضيافة عائلة دبوس فى السرايا التى بناها إسماعيل دبوس خصيصا لضيافتهم، وتوالت بعد ذلك اهتمامات عائلة دبوس بالتبرع بالعديد من البيوت والقصور، لتحويلها إلى مدارس تعليم عام وأزهرى، فهناك مدرسة رياض بك دبوس، ومدرسة محافظ البحيرة السابق حسين كامل دبوس، وغيرها من المدارس التى ساهمت ومازالت تساهم على مدار أكثر من مائة سنة مضت على النهضة التعليمية بنكلا، وما حولها من مركزى كفر الزيات وبسيون، التابعين إداريا لمحافظة الغربية، والمطلين على النيل، حتى أن المدرسة العلوية كانت تحتوى على مكتبة فريدة من نوعها، سميت بمكتبة «حياة النفوس»، تضم أمهات الكتب والمخطوطات الفريدة النادرة، مما تم جمعه من أوروبا وإهداءات الخديو عباس حلمى الثانى، ومن علماء وأدباء هذه الفترة، وهذه المدرسة تخرج فيها الكثير من رجال الدولة، الذين تولوا المناصب بعد ذلك،

منهم على سبيل المثال الشيخ الغزالى، والشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر السابق، والدكتور أحمد أحمد جويلى، الوزير والمحافظ السابق، وغيرهم الكثير ممن تعلموا فى مدارس آل دبوس، ويتفق أبناء العائلة على أن المشير أبو غزالة وزير الدفاع الأسبق، تعلم فى هذه المدرسة.


القصر -أو السرايا- الذى شرف باستقبال رجال الدولة فى افتتاح المدرسة، شرف أيضا باستضافة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، عندما زار العائلة فى عيد ثورة التصحيح فى 15 مايو 1979 وكانت زيارة تاريخية، ولقاء شعبيا وتاريخيا مع أهالى البحيرة، وألقى خطبة يومها من داخل هذا القصر، الذى يتخطى عمره الآن أكثر من 150 سنة، وهناك العديد من السرايات التى تملكها العائلة، منها سرايا خليل بك دبوس، وسرايا رياض بك دبوس، ومحمد بك طايل، وأحمد بك طايل، ودوار العمدة محمد على أمين.


اقتصاد العائلة أسس على يد إسماعيل بك دبوس، الذى تبنى فكرة التجارة والصناعة، التى كانت غريبة على العائلة، وعلى المجتمع المصرى المعروف بميوله الزراعية فى ذلك الوقت، وهى تجارة وصناعة القطن فكان أصغر تجار القطن فى مصر سنا، وذاعت شهرته فى الأوساط التجارية وصلت إلى انجلترا،

وكتبت عنه صحيفة التايمز الإنجليزية فى لندن 1920 أن تجارة القطن ازدهرت فى مصر على يد تاجر القطن المصرى إسماعيل دبوس، وأنشأ فى القرن الثامن عشر مصنعا ضخما لحلج الأقطان، ومصنعا للقطن الطبى (أول مصنع قطن طبى فى مصر) فأصبح قوة اقتصادية فى السوق المصرية، إلى أن اشتعلت الحرب العالمية الأولى، وتبعتها الأزمة المالية العالمية سنة 1920 التى قضت على صناعة وتجارة القطن فى مصر، وعلى التكتل الاقتصادى للعائلة.


وهناك موقفاً تاريخياً مهماً يرويه أبناء العائلة، ففى أثناء ثورة 1919 قامت العائلة بمساندة الزعيم سعد زغلول، وقام احد أبناء العائلة من الشباب بمساعدة زملائه من القرية، بالاستقلال بنكلا عن المملكة المصرية وإعلانها «جمهورية»، والشاب هو المرحوم عنتر بك دبوس، وما كان من الانجليز إلا أنهم أحاطوا البلدة بالسلاح والهجانة والأسلحة والمدافع، فاستسلمت خوفا من الدمار الذى كان سيلحق بها.
عائلات البحيرة عريقة وتعجز عشرات الصفحات عن حصرها، وتظل مراكز حوش عيسى وأبو المطامير وأبو حمص والدلنجات، هى الامتداد الطبيعى للقبائل المنتشرة فى الإسكندرية والصحراء الغربية.

بارزون من العائلة
رجال القضاء
◄ المستشار أحمد محمد دبوس، رئيس محكمة استئناف القاهرة
◄ المستشار حسام الدين محمد على دبوس، رئيس محكمة استئناف القاهرة
◄ المستشار أحمد رجائى دبوس، رئيس محكمة الأسرة سابقا


وكلاء النائب العام

◄ أحمد عبد المنصف دبوس
◄ محمد أسامة دبوس
◄ شريف حسام الدين دبوس


من قيادات الجيش
◄ اللواء مهندس فايق طايل دبوس
◄ اللواء مدحت فهمى دبوس


قيادات الشرطة
◄ اللواء نجيب محمود دبوس
◄ العقيد أحمد فايق دبوس

جريدة اليوم السابع

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شارك المحتوى

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More