الجمعة، 24 ديسمبر 2010

سيميوتيكا "الشّلح"

سيميوتيكا "الشّلح"
يتميز الإنسان عن باقي الكائنات على قدرته في تسمية الأشياء المحيطة به انطلاقا من وظيفة الشيء أو شكله... أو اعتباطيا، و هي تعبير عن و جهة نظر معينة تختلف من شعب إلى آخر حسب ثقافته و لغته، و تسمية الشعوب لنفسها عملية إرادية تعتز من خلالها بنفسها [...](م. شفيق)، و يستحيل و جود أشياء بدون تسمية، ناهيك عن تسمية الشعب لنفسه، و بالتالي نتساءل: هل بقي شعب الجنوب الغربي للمغرب، الأطلس الكبير الغربي، الأطلس الصغير، سهل سوس و الجهة الشمالية للصحراء أو ما يسمى بسوس الكبرى بدون تسمية لينتظر من يسميه بالشلوح؟
على المستوى اللساني يلاحظ أمران أساسيان يؤكدان أن التسمية (الشلوح) ليست بالبت و المطلق محلية.

- الأولى: أكد بعض اللسانين الأمازيغ أن حرف "ح" ليس حرفا أصليا في اللغة الأمازيغية بل هو حرف مستورد و الواضح أنه دخيل من اللغة العربية [...](س. شاكر)، و في بعض المناطق خاصة سهل سوس، حرف "ح" هو متغيرة للحرف "غ" وهذا التغير مرتبط أساسا بالجغرافيا، ومنه "نِيح" و نِيغ" لها معنى وا حد و هو "قلت".

- الثاني: أن كل الكلمات في اللغة الأمازيغية لم تصنع عبتاً بل هي مرتبطة بالجدر و نفس الشيء يمكن قوله عن اللغات الأخرى، و مصطلحات "تاشلحيت، شلحة، شلوح..." يظهر أنها مشتقة من الجدر "شلح" الذي نجده في المعاجم العربية بمعنى قاطع طريق و "المشلح" هو الذي يعري الناس من ثيابهم... و نجد المعنى ذاته لدى بعض قبائل سوس الشمالية.

و بالتالي فالتساؤل وارد، كيف أمكن للسوسين أو السواسة أن يسموا أنفسهم بهذه التسمية القد حية، أو بتعبير آخر لماذا أصبح المصطلح لصيقا بسوس؟ (و "الشلح" في اللغة الدارجة هو الأمازيغي كيفما كان، ويسمى بها كذلك الشعب الأمازيغي في تونس).

الإجابة نجدها عند تحليل بسيط للصيرورة التاريخية لتعامل المخزن مع الأمازيغية وزع خلالها التسميات بشكل عشوائي على المجموعات الأمازيغية و رسخها بإنشاء إذاعات جهوية "ليداعا ن تشلحيت، ..." و التلفزة "نشرة اللهجات،..." بل و حتى المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، مستغلا بعض الدراسات الكولونيالية التي ذكر فيها المصطلح ليضفي عليها الطابع العلمي و لا بأس أن نورد مقطعا للكابتين جوستيناغ المعروف بالقبطان الشلح في كتاب "البربرية المغربية، لهجة الشلوح" إذ قال بالحرف في تعريفه لما سماه "لهجة الشلوح":

« …les gens qui parle ce dialecte s’appellent le plus souvent des chleuh, singulier chelha.
il s’appellent aussi Imazighen, singulier Amazigh, leur dialecte s’appelle tachelhit, ou tamazight, ou tasousit… »

الملاحض من خلال هذا المقطع أن هناك تستميتين للإنسان و ثلاث تسميات للغة:

- بالنسبة لتسمية الانسان: ف "الشلوح، و شلحة" ليس لها شكل كلمات أمازيغية بل و حتى فرنسية لأنها لو كانت أمازيغية لكتب "إشلحين، أشلحي" المتداولة و المثبَتة حاليا بفعل وسائل الإعلام المخزنية بل و ارتكب خطأ لأن مفرد "الشلوح" هو الشلح"، أما "إيمازيغن و أمازيغ" فلها شكل كلمات أمازيغية فلماذا إذن فضل" الشلوح"؟

- أما بالنسبة لتسمية اللغة: فذكر " تاشلحيت و تامازيغت و تاسوسيت " فنتساءل مرة أخرى لماذا اختيرت تاشلحيت دون باقي التسميات؟

مجموعة من التساؤلات و غيرها ليس الهدف منها النقاش في سبيل المزايدة أو هو نقاش في القشور بل لأنه أصل المشكل في عدم الوعي بالذات أو عدم الرغبة في هدا الوعي أصلا نتيجة للإحساس بالدونية فتزداد الرغبة في الانسلاخ و تقمص هويات وافدة استعمارية إضافة إلى الكره المتزايد ليس فقط للذات بل كذلك للمحيط و المجال الذي هو فيه لحساب مجال آخر يعتبرة مركزا لتفكيره و وجوده... إنها قمة الإستلاب.
فتسمية الشلوح لا تقل خطورة عن البربر فالتسميتان لهما نفس المعنى، فالشعب الدوتشلندي(الألماني) لم يسمى فقط بالبربر بل أيضا بالشلوح أثناء الحرب العالمية الثانية للدلالة على الهمجية النازية.
فكيف تحول أبناء سوس المحكَورين و المضطهدين تاريخيا إلى بربر و شلوح و قطاع طرق و نازيين... و بلادهم بلاد السيبة و مغرب غير نافع... ؟؟


الكاتب: فيصل أزماو

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شارك المحتوى

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More