الجمعة، 31 ديسمبر 2010

الحركة الأمازيغية

الحركة الأمازيغية ومحاولات الإجابة عن متطلبات الوضع الراهن (1)/ يوسف أوبجا


الحركة الأمازيغية ومحاولات الإجابة عن متطلبات الوضع الراهن: القسم الأول
رغم الإشكال الذي يطرح كلما تعرضنا بالدرس و التحليل للوضع الراهن للحركة الأمازيغية، بسبب اختلاف التوجهات و المنطلقات و تباين وجهات النظر، إلا أن القناعة والاتفاق يكاد يكون حاصلا لدى أغلبية المهتمين بالقضية الأمازيغية والإطارات المكونة للحركة، حول الأزمة التي تتخبط فيها هذه الأخيرة. دون الحاجة للقول بأن الكل يتحدث عن الشيء نفسه. أزمة تم إجمالها – حسب أغلبية القراءات المنجزة حتى الآن – في جانب تنظيمي في -المقام الأول- يتسم بالتشتت و الانعزال و الانطواء و ثانيا -حسب آخرين – تقادم المطالب وضرورة أرضية أيديولوجية جديدة تستوعب تحديات الوضع
الحالي ، ثم التراجعات الخطيرة عن ” المكتسبات الطفيفة ” المحققة حتى الآن على مر تواجد الحركة الامازيغية.
وسعيا منها لتدراك هذه المطبات، أخذت الجمعيات الامازيغية في عقد سلسلة من اللقاءات والمناظرات، البعض منها وطني و أغلبيتها جهوية أو محلية (..الندوة الوطنية بتافراوت يوم 10 غشت 2008 تحت عنوان “راهنية الحركة الامازيغية وأسئلة المستقبل”، لقاء الناضور من تنظيم أميواي ، الملتقى الوطني الرابع للجمعية الأمازيغية الديمقراطية المستقلة أيام 1-2 ماي 2009 بالرباط ، لقاء وطني يوم 22 ماي 2010 بصفرو تحت شعار ” من أجل تجديد الفكر الأمازيغي” ، لقاء طنجة التشاوري 10 أكتوبر 2010، اليوم الدراسي بتارودنت 10 دجنبر 2010 حول ” راهن الأمازيغية” لقاء آخر مرتقب بالرباط يوم 25 من هذ
ا الشهر من تنظيم أزطا فرع الرباط…)
أين مكمن الخلل ؟ هل في الصيغ التنظيمية المختلفة ؟ أم أنه قائم في تقادم المطالب وضبابية الأرضيات الأيديولوجية ؟ أو أنه يتجلى في سلبية الإستراتيجيات النضالية المتبعة حتى الآن ؟
· حول مشكل التنظيم:
- التنظيم / التنسيق.. وسيلة أم غاية ؟
جاء في البيان الصادر عن لقاء تفراوت المنظم من طرف جمعية محمد خير و الذي حضره عبد الله زارو و رشيد راخا و أحمد الدغرني … مايلي :
” لقد شكل رهان التنظيم لدى ايمازيغن بالمغرب السؤال الجوهري الذي من أجله نظمت مجموعة من اللقاءات بغية الخروج بالحركة الأمازيغية إلى فعل نضالي حقيقي قادر على تغيير موازين القوى لصالحها ولصالح مطالبها…” و كما ركز أيضا لقاء تارودنت، المنعقد يوم 4 دجنبر 2010 من طرف 27 إطارا من الجمعيات والتنسيقيات والمنظمات الأمازيغية، دراسة الوضع الراهن ” من أجل تفعيل وتعزيز التنسيق بين مختلف مكونات الحركة الأمازيغية “.
إن أغلبة اللقاءات المشار إليها أعلاه، ومهما تعددت أماكن عقدها و تنوعت أرضياتها فإنها تلتقي مجملا في بوتقة التقاييم الجاهزة ذات الطابع الاختزالي، ترى أن أخطر ما تعاني منه الحركة الأمازيغية هو التشتت و التشرذم ، دون استحضار ما عقد من قبل من تنسيقات سواء منها الفاشلة أو التي مازلت في طور الاحتضار( مجلس التنسيق الوطني ، جبهة أميواي ، الكنفدراليات و الفدراليات الجهوية بالشمال و الجنوب …) لنفطن أن التنسيق ليس بالأمر العسير و لكن الإشكال في طبيعة التنسيقات و الإطارات المشكلة لها و الأهداف المسطرة لكل تنسيق .
إن تنظيما محكما لا يمكن أن يتحقق خارج وحدة نظرية، فهذه الأخيرة شرط الوحدة التنظيمية، و نفسه بشكل تقريبي بالنسبة للتنسيق. وهنا يتجلى مربط الفرس و محور النقاش، إذ تتعالى الصيحات و الدعوات إلى ضرورة تحلي مكونات الحركة الأمازيغية بالتماسك الوحدوي ، بتغافل تام أن هذه الحركة ليست كتلة مونولوتية متماسكة ومنسجمة المصالح ، فالواقع أنها تتصف بتعدد الإطارات المكونة لها و التي تختلف من حيث أفقها و مقارباتها للقضية الأمازيغية ، هذا إن لم نقل أن أغلبيتها تسترزق بالقضية خاصة بعد تأسيس المعبد / المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي يستجيب لدعوة كل داعي
إذا دعا باسم الأمازيغي، مع سيطرة قوى برجوازية إصلاحية مرتمية في أحضان النظام على معظم الإطارات بتحكم فوقي تعمد معه إلى مصادرة القرار و تجزيء المطالب و النضالات و إخضاعها لحسابات غير مصلحة النضال الأمازيغي ومنه ضرب فعالية أي تنسيق يمكن في نجاحه أن يتجاوزها ( نموذج التملص من الدعوة إلى مسيرة توادا 1999)
مختصر القول هنا ، أن كل تنظيم وتنسيق ما هو إلا أداة نقل الإستراتجية من حيز النظرية إلى الواقع / إلى الممارسة، و كل تنسيق يجب أن يلعب الدور المنوط به في تقوية التنظيمات المنسقة و تجذير النضال ومركزة النضالات و تجنب السعي العاطفي إلى التنسيق لمجرد القول بأننا كأمازيغ متحدون و غير مشتتين ومنه اعتبار التنسيق كل شيء و الهدف لاشيء .
· التصورالبرنامجي :
في جانب آخر من النقاشات المطروحة حول الوضع الراهن و تجليات الأزمة ، نجد من تركز اهتماماتها على ما يدعونه ب ” تجديد الفكر الأمازيغي ” كمعضلة وجب تجاوزها للخروج من الأفق المسدودة الذي وصلت إليه الحركة الأمازيغية .
نموذجا لذلك ،لقاء صفروا يوم 22 ماي 2010 المؤطر بشعار ” من أجل تجديد الفكر الأمازيغي ” و الذي تمحور فيه مجمل النقاش على ” ضرورة بلورة أرضية فكرية و مطلبية جديدة للح.أ. ذات إستراتيجية على المدى البعيد وذات بعد وطني، فمن بين ما جاء في البيان الصادر عن هذا اللقاء ما يلي :
- بما أن أرض المغرب أمازيغية فيجب أن تكون هوية الدولة أمازيغية بالمفهوم الترابي و ليس العرقي.
- التأكيد على أن وحدة الهوية الأمازيغية للمغرب و المغاربة المستمدة من وحدة الأرض لا تنفي التنوع العرقي و لا التعدد الثقافي و اللغوي الذي يغني هذه الهوية …”
هذه التعابير المبهمة و المضببة هي و لا شك تعابير بودهانية وواحدة من أحاجيه المفرطة الخيال التي يسعى من خلالها السيد بودهان و شلته الإلقاء بالحركة الأمازيغية في براثين التعصب و الشوفينية و الانغلاق و نبد الآخر، في نزعة قومية ضيقة الأفق متمركزة حول الذات . إنها إرادة إحلال هيمنة محل هيمنة أخرى لكن على أرضية التحرر !!.
أم في القول بأن “وحدة الهوية الأمازيغية للمغرب و المغاربة .. لا تنفي التنوع العرقي و التعدد الثقافي..” فلم أتمكن شخصيا من فهم المراد من هكذا تعبير، فربما أن أصحابنا يتمتعون بروح الدعابة أو ينقصهم القليل من المنطق ليتبينوا زيف ما يقولون أو أنهم رسموا لنا صورة في أذهانهم تصفنا بالبلادة والبلهاء. و لكن المؤكد هو أن ما نراه هنا نموذج التيه النظري الذي ينخر ذات الحركة الأمازيغية. ( أنظر مقالات سابقة لتوجه الأمازيغي الكفاحي حول تصورات بدهان للهوية )
نفسه السيد بدهان، أكد في لقاء نظمته جمعية الهوية الأمازيغية يوم 20 مارس 2010 ، أن من أولويات الحركة الأمازيغية راهنا، ” التأكيد على هوية النظام بدل مشروعية النظام ، وأن إشكالية الحركة ليست في مشروعية الحكم القائم أو منازعته أو تجريده من صلاحيته بل المشكل هو مشكل الهوية ” هذه المقاربة و الانبطاح نحو اليمينية لا يلام عليها السيد بدهان لوحده ،هي خاصية كل القوى البرجوازية الصغيرة السائدة في الحركة الأمازيغية التي تحلم بالتسلق الطبقي على حساب قضيتنا .
إن الجذور الموضوعية للنضال الأمازيغي معادية لسياسة النظام البرجوازي التبعي بالمغرب وهو عامل أساسي يستوجب الوعي بالعلاقة الجدلية مابين البنية التحية و البنية الفوقية و كيف تؤثر سلطة البنية التحتية في الهيمنة على مستوى البنية الفوقية و بالتالي تحديد الإطار العام للظواهر الثقافية في علاقتها بالمعطيات السياسية والاجتماعية.
يوسف أوبجا – عضو الشبكة الامازيغية من اجل المواطنة

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شارك المحتوى

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More