الحق الأمازيغي الليبي حق مواطنة أم حق أقلية؟ / سليم الرقعي
- في التأسيس للفكر الوطني الليبي الجديد -
لا شك أن ليس نظام القذافي وحده هو من يشعر بالقلق والتوجس من نشاط الأمازيغ الليبيين المتزايد بل هناك ليبيون آخرون – وبعضهم معارض للنظام – يشعر بمثل هذه المخاوف والهواجس والتوجس حول أهداف وغايات الحركة الأمازيغية الليبية على وجه التحديد.. بعضهم متوجس بدوافع عروبية قومية شوفانية .. وبعضهم متوجس بدوافع وطنية خالصة.. أما توجسات القذافي فلا علاقة لها لا بهذه ولا بتلك بل دوافعها سياسية أمنية فقط تتعلق بأمن نظامه وإستقرار الأوضاع وإستمرارها على ما هي عليه والسلام!.
ماهي أهداف المناشط والمطالب الأمازيغية الليبية!؟
وهذا النشاط الليبي الأمازيغي – على حد علمي وفهمي – وحسب التصريحات والبيانات لبعض نشطاء الأمازيغ الليبيين- يستهدف الحصول على إعتراف من الدولة بحق الأمازيغ الليبيين في إظهار وممارسة خصوصياتهم الثقافية الأمازيغية الليبية والإعتراف باللغة الأمازيغية كلغة وطنية ليبية ثانية بجوار اللغة الوطنية الأم والرسمية السائدة في ليبيا اليوم – والتي تجمع كل الليبيين – وهي اللغة العربية.. كذلك مطلب الإعتراف لهم بحقهم في تسمية أولادهم بأسماء أمازيغية وغير ذلك من الحقوق والمناشط التي تدخل في عمومها تحت مسمى “الحقوق الثقافية” وهو مما قد يدخله البعض تحت مسمى “حقوق الأقليات القومية”(!!!) مع إنني شخصيا ً – وبعد تدقيقي في المسألة الأمازيغية بنظرة وطنية – أرى أنه من الأفضل عرض هذه الحقوق والمطالب في إطار “حقوق المواطنة” لا في إطار “حقوق الأٌقليات القومية”!.. فنحن الليبيون من قومية وطنية واحدة هي (القومية الليبية) القائمة على أساس مفهوم (الأمة الليبية) المتحدة كما ظهر هذا جليا ً في الإتحاد الوطني القومي العظيم الذي حدث بين الليبيين في حقبة المقاومة المسلحة للإحتلال الإيطالي البغيض وكذلك في حقبة الإنتداب والإدارة البريطانية ونتج عنه إقامة دولة ليبيا الحديثة.. دولة الليبيين.. الليبيين كأمة وطنية واحدة إسمها (الأمة الليبية) والتي أصبحت بالإستقلال عضوا ً في (الأمم المتحدة)!.. فهذا المفهوم الذي قامت عليه أساسا ً الدولة الليبية الحديثة التي أعلن عن ميلادها يوم إعلان الإستقلال المجيد في الرابع والعشرين من ديسمبر عام 1951 هو المفهوم الوطني الجامع المانع الذي يجب الإنطلاق منه والإرتباط به.. فوصف أنفسنا ووصف نص إعلان الإستقلال لليبيين بأنهم (الأمة الليبية) يعني أننا أمة وطنية واحدة من دون كل الناس – بل ومن دون كل العرب والأمازيغ والمسلمين – لنا أرضنا ووطننا الخاص بنا ولنا دولتنا الوطنية الخاصة بنا ولنا ثروتنا القومية الخاصة بنا ولنا عاداتنا وتقاليدنا المميزة لنا كليبيين!.. ومادام الليبيون أمة وطنية واحدة فإن هذا يعني أن الرابطة الإجتماعية بينهم هي “القومية الليبية” فالليبيون على هذا الأساس قوم.. قوم وطنهم ليبيا وأمتهم الأمة الليبية ودولتهم الدولة الليبية ولا تتناقض هذه الحقيقة الوطنية القائمة على أرض الواقع – أرض ليبيا – مع الإنتماءات الأخرى – فوق وطنية – لليبيين كإنتماء غالبيتهم للأمة العربية والأمة الإسلامية وإنتماء بعضهم للأمازيغ أو التبو أو الطوارق.. فالأمازيغ ليسوا كلهم ليبيين والتبو ليسوا كلهم ليبيين والطوارق ليسوا كلهم ليبيين كما أن العرب ليسوا كلهم ليبيين!.. أما الليبيون فكلهم ليبيون!.. فالليبيون أمة وطنية واحدة تتكون – في تركيبتها الديموغرافية – من عدة أعراق وثقافات متنوعة ومتعددة منها العربي والأمازيغي والإفريقي والتركي وغير ذلك.
الهوية مسألة شديدة التعقيد!؟
فالهوية في الواقع أمر شديد التعقيد ولا يمكن تبسيطه أو تسطيحه أو إختزاله في شعارات عامة إلا أن الشئ المؤكد في مسألة الهوية هو أنها مسألة شعور وإيمان بل وعقيدة وقناعة عميقة داخلية وجدانية بالدرجة الأولى .. فإن كان المرء ينحدر مثلا ً من الناحية العرقية البعيدة من أصول تركية أو شركسية أو يونانية أو يهودية ولكنه فضلا ً عن أن لهجته الأساسية والوحيدة الحاضرة التي يتحدث بها هي من اللهجات العربية المعاصرة كاللهجة الليبية [1] فإنه – فضلا ً عن ذلك الواقع الحاضر الذي يعيشه – يشعر ويؤمن وجدانيا ً بأنه عربي وللعروبة ينتمي!.. فهذا عربي الهوية والإنتماء والإنتساب بغض النظر عن أصوله الدموية العرقية القديمة التي إنحدر منها في الماضي البعيد منذ قرون!.. خصوصا ً إذا إنقطعت صلته “الشعورية الوجدانية” بذلك الأصل العرقي الدموي القديم!.. وإنقطعت صلته الشعورية بذلك “الوطن/المكان/البلد” الذي كان أجداده الأوئل يستوطنونه قبل هجرتهم لهذا الوطن الجديد منذ قرون!.. كما أن الهوية ليست شيئا ً ثابتا ً بل هي شئ حيوي نامي متغير ومتطور فتارة يغلب عليها الطابع العرقي “الأثني” وتارة الوطني وتارة الديني وتارة الطائفي…إلخ.. كما قد تُضاف إليها بعض الخصائص والمكونات الجديدة في مرحلة من مراحل نمو الأمة كما قد تطرح عنها بعض المكونات القديمة!.. فالهوية – خصوصا ً في عصرنا الحاضر – تقوم على “الثقافة” و”الشعور الذاتي بالإنتماء” أكثر من إرتباطها بالعرق والدم واللحم والعنصر!.. أي إنها ترتبط بالمضمون الثقافي والمحتوى الوجداني وبالقلب أكثر بكثير من الشكل والقالب!.
حقوق مواطنيه لا حقوق أقلية ولا تاريخية!؟
لهذا الأسباب السابق ذكرها فإنني أنصح إخواني الأمازيغ الليبيين بعرض الحقوق الثقافية الأمازيغية الليبية والتي يختصرها البعض في شعار “الحق الأمازيغي الليبي” في إطار “حقوق المواطنة” لا في إطار “الحقوق القومية الأثنية ” أو “حقوق الأقليات” أو “الحقوق التاريخية”(!!!!؟؟؟؟) أو حقوق “السكان الأصليين”(!!!؟؟؟؟؟؟؟) …. فطرح وعرض هذه المسألة على أساس قومي عرقي “إثني” قد يستفز الغالبية الليبية العربية ويُولد لديها ردة فعل “أثنية” دفاعية متطرفة ضد إخوانهم الليبيين الأمازيغ خصوصا ً في ظل هذه الأجواء العامة المقلقة المسكونة بالهواجس وشبح المؤامرات الخارجية!.. هذه الأجواء المضطربة والمرضية التي تمر فيها الحالة العربية العامة بالوهن والتحلل والتخبط والضياع بسبب فشل الدولة العربية المعاصرة وبفضل ديكتاتوريتها القاسية والغبية!.. هذه الأجواء المرتبكة التي تتعرض فيها الدول الوطنية إلى الإنشطار النووي وإلى النكوص نحو المكونات البدائية ما قبل “الوطنية” بسبب النعرات الطائفية والعرقية “الأثنية” والجهوية التي في تحليلي الخاص ما هيجتها وألهبتها إلا هذه الديكتاتورية القاسية والغبية وكذلك غياب الحكمة السياسية وغياب العدالة الإجتماعية والمناطقية!.
وبالتالي فعرض “الحق الأمازيغي الليبي” في إطار “حقوق المواطنة” سيكون أفضل وأسلم بكثير جدا ً للوطن بل ولقضية الحق الأمازيغي نفسه وستصبح مطالبهم من ضمن وصميم المطالب العامة لكل القوى الوطنية الليبية.. وهي كما ذكرنا حقوق ومطالب مشروعة ونحن كليبيين عرب نشاركهم فيها بل ويجب علينا تبني مثل هذه المطالب والدفاع عن هذه الحقوق بإعتبارها من حقوق الإنسان وحقوق المواطنين الليبيين التي تقرها كل الشرائع السماوية والمواثيق الدولية .. فنحن – بلا تردد – مع “الحق الأمازيغي الليبي الثقافي” وهو حق أصيل لا شك فيه ولكن الذي نرجوه بالفعل هو أن يتم نشاط إخواننا الأمازيغ الليبيين في إطاره الوطني الليبي ووفق أجندة وطنية ليبية خالصة دائما… كما ننصح ونطمح أن يتم هذا النشاط في إطار “حقوق المواطنة” لا في إطار “حقوق الأقليات الأثنية” أو الحقوق التاريخية في السيادة على الأرض (!!!!!؟؟؟؟)…. كما أرجو أيضا ً أن لا يُسمح للأمازيغيين الليبيين “القوميين” المتطرفين – أصحاب حلم إقامة دولة “تمازيغيا” أو “نوميديا” الكبرى في الشمال الإفريقي وأمزغة ليبيا – أن يستحوذوا على ملف هذه القضية الإنسانية الحقوقية الوطنية العامة فيشوهوا نضال الأمازيغ الليبيين “الوطنيين” ويهيجوا نعرات بدائية متخلفة[2] ويخلقوا عداوات ومخاوف بينهم وبين سائر إخوانهم الوطنيين الليبيين العرب ممن يعتزون بعروبتهم قدر إعتزازهم بوطنيتهم وخصوصيتهم الليبية.. فعندها لن تكون المعركة ضد النظام بل ستكون للأسف الشديد ضد مجتمعهم الوطني وقواه الوطنية الرافضة للجهوية والعنصرية والطائفية والقومية العنصرية المتطرفة والرافضة لربط ليبيا بمشروعات طوباوية أو مشبوهة لا تحقق مصلحة الليبيين!!!!.. وهنا تكمن خطورة التطرف!.. فالتطرف في جهة يُولد تطرف في الجهة الأخرى.. كما أن العنف قد يُولد عنفا ً مضادا ً .. وحذاري من مقاومة الطغيان والإستبداد بأجندة “جهوية” أو “إثنية” أو “عنصرية” فإن ذلك سيتيح للطاغية الفرصة لإستخدام مثل هذه المعارك وهذه المقاومة لصالح نظامه وعن طريق لعبة “فرق تسد”!.. فنحن كما نرفض التطرف القومي العروبي والاسلاموي الرافض للحق الأمازيغي الليبي أو حقوق التبو الليبيين كمواطنيين وشركاء في الوطن بل والرافض للتوجه الوطني الليبي (القطري) القائم على أساس شعار (ليبيا أولاً) و(ليبيا لليبيين) وعلى فكرة (الأمة الليبية) الواحدة كما جاء ذكرها في إعلان ميلاد وإستقلال الدولة الليبية فإننا أيضا نرفض التطرف الأمازيغي المتحالف مع التوجهات الأمازيغية المتطرفة الموجودة في المغرب والجزائر.. تلك التوجهات “الشوفانية” ذات النزعة القومية المتطرفة المعادية للعروبة – بل وربما للإسلام!! – والطامحة لإقامة دولة قومية للأمازيغ في شمال إفريقيا تحت مسمى “تمازيغيا” أو “نوميديا” أو غير ذلك من الأسماء!.. فدعونا من هذا الهذيان الشوفاني العروبي أو الأمازيغي أو الجهوي المريض ودعونا نتخندق جميعا ً حول مفهوم “الأمة الليبية” و”حقوق المواطنة” وحول مشروع الدولة الوطنية الليبية الديموقراطية المتناغمة مع عقيدة المجتمع الليبي المسلم.
وفي الختام
وفي النهاية أقول : إنني أعرف مسبقا ً أن مثل هذه الأراء التي وردت في هذه المقالة لن تثير حفيظة بعض إخواني الأمازيغ “القومجيين” وحسب بل ستثير أيضا ً حفيظة بعض إخواني المعارضين الليبيين من أصحاب الإتجاهات القومية العروبية أو الإسلامية المتشددة المعادية للتوجهات الوطنية.. وأعرف أن كثيرا ً من الليبيين اليوم حتى من أصحاب التوجهات الوطنية لا يستسيغون عبارة مثل ” الأمة الليبية” و”القومية الليبية” !!!.. ولكن بالنهاية هذه قناعاتي الشخصية التي توصلت إليها بعد إطلاع وإستقراء وتأمل في تاريخ وحاضر ليبيا وإستشراف مستقبلها وسأنافح عن هذه القناعات الفكرية وأكافح من أجلها وأروج لها في كتاباتي حتى يتبين لي بدليل قاطع أنها كانت أراء خاطئة أو أنها مجرد أوهام لا أساس لها من التاريخ والواقع!.. عندئذ – وعندئذ فقط – يمكنني أن أغير هذه القناعات بل وأملك من الشجاعة الأدبية إن شاء الله ما يحملني على الإعتراف بخطأ هذه القناعات بلا تردد !.. فغايتي هي الحق.. والحقيقة.. وتحقيق الخير والصالح العام لبلدي وقومي ثم لكل البشر.
ماهي أهداف المناشط والمطالب الأمازيغية الليبية!؟
وهذا النشاط الليبي الأمازيغي – على حد علمي وفهمي – وحسب التصريحات والبيانات لبعض نشطاء الأمازيغ الليبيين- يستهدف الحصول على إعتراف من الدولة بحق الأمازيغ الليبيين في إظهار وممارسة خصوصياتهم الثقافية الأمازيغية الليبية والإعتراف باللغة الأمازيغية كلغة وطنية ليبية ثانية بجوار اللغة الوطنية الأم والرسمية السائدة في ليبيا اليوم – والتي تجمع كل الليبيين – وهي اللغة العربية.. كذلك مطلب الإعتراف لهم بحقهم في تسمية أولادهم بأسماء أمازيغية وغير ذلك من الحقوق والمناشط التي تدخل في عمومها تحت مسمى “الحقوق الثقافية” وهو مما قد يدخله البعض تحت مسمى “حقوق الأقليات القومية”(!!!) مع إنني شخصيا ً – وبعد تدقيقي في المسألة الأمازيغية بنظرة وطنية – أرى أنه من الأفضل عرض هذه الحقوق والمطالب في إطار “حقوق المواطنة” لا في إطار “حقوق الأٌقليات القومية”!.. فنحن الليبيون من قومية وطنية واحدة هي (القومية الليبية) القائمة على أساس مفهوم (الأمة الليبية) المتحدة كما ظهر هذا جليا ً في الإتحاد الوطني القومي العظيم الذي حدث بين الليبيين في حقبة المقاومة المسلحة للإحتلال الإيطالي البغيض وكذلك في حقبة الإنتداب والإدارة البريطانية ونتج عنه إقامة دولة ليبيا الحديثة.. دولة الليبيين.. الليبيين كأمة وطنية واحدة إسمها (الأمة الليبية) والتي أصبحت بالإستقلال عضوا ً في (الأمم المتحدة)!.. فهذا المفهوم الذي قامت عليه أساسا ً الدولة الليبية الحديثة التي أعلن عن ميلادها يوم إعلان الإستقلال المجيد في الرابع والعشرين من ديسمبر عام 1951 هو المفهوم الوطني الجامع المانع الذي يجب الإنطلاق منه والإرتباط به.. فوصف أنفسنا ووصف نص إعلان الإستقلال لليبيين بأنهم (الأمة الليبية) يعني أننا أمة وطنية واحدة من دون كل الناس – بل ومن دون كل العرب والأمازيغ والمسلمين – لنا أرضنا ووطننا الخاص بنا ولنا دولتنا الوطنية الخاصة بنا ولنا ثروتنا القومية الخاصة بنا ولنا عاداتنا وتقاليدنا المميزة لنا كليبيين!.. ومادام الليبيون أمة وطنية واحدة فإن هذا يعني أن الرابطة الإجتماعية بينهم هي “القومية الليبية” فالليبيون على هذا الأساس قوم.. قوم وطنهم ليبيا وأمتهم الأمة الليبية ودولتهم الدولة الليبية ولا تتناقض هذه الحقيقة الوطنية القائمة على أرض الواقع – أرض ليبيا – مع الإنتماءات الأخرى – فوق وطنية – لليبيين كإنتماء غالبيتهم للأمة العربية والأمة الإسلامية وإنتماء بعضهم للأمازيغ أو التبو أو الطوارق.. فالأمازيغ ليسوا كلهم ليبيين والتبو ليسوا كلهم ليبيين والطوارق ليسوا كلهم ليبيين كما أن العرب ليسوا كلهم ليبيين!.. أما الليبيون فكلهم ليبيون!.. فالليبيون أمة وطنية واحدة تتكون – في تركيبتها الديموغرافية – من عدة أعراق وثقافات متنوعة ومتعددة منها العربي والأمازيغي والإفريقي والتركي وغير ذلك.
الهوية مسألة شديدة التعقيد!؟
فالهوية في الواقع أمر شديد التعقيد ولا يمكن تبسيطه أو تسطيحه أو إختزاله في شعارات عامة إلا أن الشئ المؤكد في مسألة الهوية هو أنها مسألة شعور وإيمان بل وعقيدة وقناعة عميقة داخلية وجدانية بالدرجة الأولى .. فإن كان المرء ينحدر مثلا ً من الناحية العرقية البعيدة من أصول تركية أو شركسية أو يونانية أو يهودية ولكنه فضلا ً عن أن لهجته الأساسية والوحيدة الحاضرة التي يتحدث بها هي من اللهجات العربية المعاصرة كاللهجة الليبية [1] فإنه – فضلا ً عن ذلك الواقع الحاضر الذي يعيشه – يشعر ويؤمن وجدانيا ً بأنه عربي وللعروبة ينتمي!.. فهذا عربي الهوية والإنتماء والإنتساب بغض النظر عن أصوله الدموية العرقية القديمة التي إنحدر منها في الماضي البعيد منذ قرون!.. خصوصا ً إذا إنقطعت صلته “الشعورية الوجدانية” بذلك الأصل العرقي الدموي القديم!.. وإنقطعت صلته الشعورية بذلك “الوطن/المكان/البلد” الذي كان أجداده الأوئل يستوطنونه قبل هجرتهم لهذا الوطن الجديد منذ قرون!.. كما أن الهوية ليست شيئا ً ثابتا ً بل هي شئ حيوي نامي متغير ومتطور فتارة يغلب عليها الطابع العرقي “الأثني” وتارة الوطني وتارة الديني وتارة الطائفي…إلخ.. كما قد تُضاف إليها بعض الخصائص والمكونات الجديدة في مرحلة من مراحل نمو الأمة كما قد تطرح عنها بعض المكونات القديمة!.. فالهوية – خصوصا ً في عصرنا الحاضر – تقوم على “الثقافة” و”الشعور الذاتي بالإنتماء” أكثر من إرتباطها بالعرق والدم واللحم والعنصر!.. أي إنها ترتبط بالمضمون الثقافي والمحتوى الوجداني وبالقلب أكثر بكثير من الشكل والقالب!.
حقوق مواطنيه لا حقوق أقلية ولا تاريخية!؟
لهذا الأسباب السابق ذكرها فإنني أنصح إخواني الأمازيغ الليبيين بعرض الحقوق الثقافية الأمازيغية الليبية والتي يختصرها البعض في شعار “الحق الأمازيغي الليبي” في إطار “حقوق المواطنة” لا في إطار “الحقوق القومية الأثنية ” أو “حقوق الأقليات” أو “الحقوق التاريخية”(!!!!؟؟؟؟) أو حقوق “السكان الأصليين”(!!!؟؟؟؟؟؟؟) …. فطرح وعرض هذه المسألة على أساس قومي عرقي “إثني” قد يستفز الغالبية الليبية العربية ويُولد لديها ردة فعل “أثنية” دفاعية متطرفة ضد إخوانهم الليبيين الأمازيغ خصوصا ً في ظل هذه الأجواء العامة المقلقة المسكونة بالهواجس وشبح المؤامرات الخارجية!.. هذه الأجواء المضطربة والمرضية التي تمر فيها الحالة العربية العامة بالوهن والتحلل والتخبط والضياع بسبب فشل الدولة العربية المعاصرة وبفضل ديكتاتوريتها القاسية والغبية!.. هذه الأجواء المرتبكة التي تتعرض فيها الدول الوطنية إلى الإنشطار النووي وإلى النكوص نحو المكونات البدائية ما قبل “الوطنية” بسبب النعرات الطائفية والعرقية “الأثنية” والجهوية التي في تحليلي الخاص ما هيجتها وألهبتها إلا هذه الديكتاتورية القاسية والغبية وكذلك غياب الحكمة السياسية وغياب العدالة الإجتماعية والمناطقية!.
وبالتالي فعرض “الحق الأمازيغي الليبي” في إطار “حقوق المواطنة” سيكون أفضل وأسلم بكثير جدا ً للوطن بل ولقضية الحق الأمازيغي نفسه وستصبح مطالبهم من ضمن وصميم المطالب العامة لكل القوى الوطنية الليبية.. وهي كما ذكرنا حقوق ومطالب مشروعة ونحن كليبيين عرب نشاركهم فيها بل ويجب علينا تبني مثل هذه المطالب والدفاع عن هذه الحقوق بإعتبارها من حقوق الإنسان وحقوق المواطنين الليبيين التي تقرها كل الشرائع السماوية والمواثيق الدولية .. فنحن – بلا تردد – مع “الحق الأمازيغي الليبي الثقافي” وهو حق أصيل لا شك فيه ولكن الذي نرجوه بالفعل هو أن يتم نشاط إخواننا الأمازيغ الليبيين في إطاره الوطني الليبي ووفق أجندة وطنية ليبية خالصة دائما… كما ننصح ونطمح أن يتم هذا النشاط في إطار “حقوق المواطنة” لا في إطار “حقوق الأقليات الأثنية” أو الحقوق التاريخية في السيادة على الأرض (!!!!!؟؟؟؟)…. كما أرجو أيضا ً أن لا يُسمح للأمازيغيين الليبيين “القوميين” المتطرفين – أصحاب حلم إقامة دولة “تمازيغيا” أو “نوميديا” الكبرى في الشمال الإفريقي وأمزغة ليبيا – أن يستحوذوا على ملف هذه القضية الإنسانية الحقوقية الوطنية العامة فيشوهوا نضال الأمازيغ الليبيين “الوطنيين” ويهيجوا نعرات بدائية متخلفة[2] ويخلقوا عداوات ومخاوف بينهم وبين سائر إخوانهم الوطنيين الليبيين العرب ممن يعتزون بعروبتهم قدر إعتزازهم بوطنيتهم وخصوصيتهم الليبية.. فعندها لن تكون المعركة ضد النظام بل ستكون للأسف الشديد ضد مجتمعهم الوطني وقواه الوطنية الرافضة للجهوية والعنصرية والطائفية والقومية العنصرية المتطرفة والرافضة لربط ليبيا بمشروعات طوباوية أو مشبوهة لا تحقق مصلحة الليبيين!!!!.. وهنا تكمن خطورة التطرف!.. فالتطرف في جهة يُولد تطرف في الجهة الأخرى.. كما أن العنف قد يُولد عنفا ً مضادا ً .. وحذاري من مقاومة الطغيان والإستبداد بأجندة “جهوية” أو “إثنية” أو “عنصرية” فإن ذلك سيتيح للطاغية الفرصة لإستخدام مثل هذه المعارك وهذه المقاومة لصالح نظامه وعن طريق لعبة “فرق تسد”!.. فنحن كما نرفض التطرف القومي العروبي والاسلاموي الرافض للحق الأمازيغي الليبي أو حقوق التبو الليبيين كمواطنيين وشركاء في الوطن بل والرافض للتوجه الوطني الليبي (القطري) القائم على أساس شعار (ليبيا أولاً) و(ليبيا لليبيين) وعلى فكرة (الأمة الليبية) الواحدة كما جاء ذكرها في إعلان ميلاد وإستقلال الدولة الليبية فإننا أيضا نرفض التطرف الأمازيغي المتحالف مع التوجهات الأمازيغية المتطرفة الموجودة في المغرب والجزائر.. تلك التوجهات “الشوفانية” ذات النزعة القومية المتطرفة المعادية للعروبة – بل وربما للإسلام!! – والطامحة لإقامة دولة قومية للأمازيغ في شمال إفريقيا تحت مسمى “تمازيغيا” أو “نوميديا” أو غير ذلك من الأسماء!.. فدعونا من هذا الهذيان الشوفاني العروبي أو الأمازيغي أو الجهوي المريض ودعونا نتخندق جميعا ً حول مفهوم “الأمة الليبية” و”حقوق المواطنة” وحول مشروع الدولة الوطنية الليبية الديموقراطية المتناغمة مع عقيدة المجتمع الليبي المسلم.
وفي الختام
وفي النهاية أقول : إنني أعرف مسبقا ً أن مثل هذه الأراء التي وردت في هذه المقالة لن تثير حفيظة بعض إخواني الأمازيغ “القومجيين” وحسب بل ستثير أيضا ً حفيظة بعض إخواني المعارضين الليبيين من أصحاب الإتجاهات القومية العروبية أو الإسلامية المتشددة المعادية للتوجهات الوطنية.. وأعرف أن كثيرا ً من الليبيين اليوم حتى من أصحاب التوجهات الوطنية لا يستسيغون عبارة مثل ” الأمة الليبية” و”القومية الليبية” !!!.. ولكن بالنهاية هذه قناعاتي الشخصية التي توصلت إليها بعد إطلاع وإستقراء وتأمل في تاريخ وحاضر ليبيا وإستشراف مستقبلها وسأنافح عن هذه القناعات الفكرية وأكافح من أجلها وأروج لها في كتاباتي حتى يتبين لي بدليل قاطع أنها كانت أراء خاطئة أو أنها مجرد أوهام لا أساس لها من التاريخ والواقع!.. عندئذ – وعندئذ فقط – يمكنني أن أغير هذه القناعات بل وأملك من الشجاعة الأدبية إن شاء الله ما يحملني على الإعتراف بخطأ هذه القناعات بلا تردد !.. فغايتي هي الحق.. والحقيقة.. وتحقيق الخير والصالح العام لبلدي وقومي ثم لكل البشر.
أخوكم الليبي العربي المحب: سليم نصر الرقعي
…
[1] لقد قمت ببحث شخصي تجريبي بسيط على اللهجة الليبية من خلال إستعراض كم كبير من المفردات المستعملة في اللهجات الليبية المختلفة (البدوية والحضرية) فلاحظت أن الغالبية العظمى منها عربي قح!!.. وقد أطوّر هذا البحث الصغير المبسط مستقبلا ً إلى دراسة معمقة معززة بأدلة علمية كثيرة إن شاء الله نثبت فيها بالأدلة العلمية القاطعة أن اللهجة الليبية اليوم في مفرداتها المستعملة (الأسماء والأفعال) هي لهجة عربية بنسبة كبيرة جدا ً قد تصل إلى 90% من اللهجة الليبية الحالية المتداولة في الشارع الليبي!.
[2] الفرق بين الأمازيغ الوطنيين والأمازيغ القوميين هو أن “الوطنيين” يغلبون الولاء الوطني لليبيا كوطن ودولة وأمة على الولاء القومي الأثني للشعب الأمازيغي بينما “القوميين” منهم يغلبون الولاء لمفهوم “الأمة الأمازيغية” وإقامة دولتها القومية “تمازيغيا” على المفهوم الوطني والولاء لليبيا كوطن ودولة وأمة !.. وبعضهم قد يروج لفكرة دولة “ليبيا الكبرى” التي تضم دول وشعوب المغرب “العربي” أو الإسلامي” أو “المغاربي”!!! حيث كانت “ليبيا” كتسمية تشمل في زمن الأغريق والرومان الشمال الإفريقي كله بإستثناء “مصر” الفرعونية!.. وهذا يقع أيضا ً بالنسبة للقوميين العرب الليبيين الذين لا يعترفون بالحدود السياسية لليبيا كدولة ويعتبرونها صنيعة الإستعمار ووليدة إتفاقية “سايكس بيكو” ويرفضون فكرة (الأمة الليبية) بل وحتى فكرة “الشعب الليبي” على إعتبار أن الشعب العربي – بزعمهم – شعب واحد !!! .. وهم يرفضون التوجهات الوطنية ويعتبرونها توجهات إقليمية قطرية ضيقة يجب محاربتها لأنهم يطمحون إلى إقامة دولة قومية إندماجية واحدة للعرب تطيح بكل الكيانات الوطنية القطرية القائمة وتجمع العرب في دولة واحدة ربما تحت إسم “عريبيا” أو “المملكة العربية” أو الولايات العربية المتحدة!.. وهذا كذلك حال الإسلاميين الليبيين الأممين غير الوطنيين وهم ذلك الفريق من الإسلاميين الليبيين الذين لا يعترفون بمفهوم الأمة الليبية والوطنية الليبية ويعتبرونها “نعرة منتنة” من “النعرات الجاهلية” !! .. وهم يطمحون إلى إقامة دولة إسلامية واحدة تضم كل المسلمين تحت إسم دولة الخلافة أو الإمارة الإسلامية !!.
[1] لقد قمت ببحث شخصي تجريبي بسيط على اللهجة الليبية من خلال إستعراض كم كبير من المفردات المستعملة في اللهجات الليبية المختلفة (البدوية والحضرية) فلاحظت أن الغالبية العظمى منها عربي قح!!.. وقد أطوّر هذا البحث الصغير المبسط مستقبلا ً إلى دراسة معمقة معززة بأدلة علمية كثيرة إن شاء الله نثبت فيها بالأدلة العلمية القاطعة أن اللهجة الليبية اليوم في مفرداتها المستعملة (الأسماء والأفعال) هي لهجة عربية بنسبة كبيرة جدا ً قد تصل إلى 90% من اللهجة الليبية الحالية المتداولة في الشارع الليبي!.
[2] الفرق بين الأمازيغ الوطنيين والأمازيغ القوميين هو أن “الوطنيين” يغلبون الولاء الوطني لليبيا كوطن ودولة وأمة على الولاء القومي الأثني للشعب الأمازيغي بينما “القوميين” منهم يغلبون الولاء لمفهوم “الأمة الأمازيغية” وإقامة دولتها القومية “تمازيغيا” على المفهوم الوطني والولاء لليبيا كوطن ودولة وأمة !.. وبعضهم قد يروج لفكرة دولة “ليبيا الكبرى” التي تضم دول وشعوب المغرب “العربي” أو الإسلامي” أو “المغاربي”!!! حيث كانت “ليبيا” كتسمية تشمل في زمن الأغريق والرومان الشمال الإفريقي كله بإستثناء “مصر” الفرعونية!.. وهذا يقع أيضا ً بالنسبة للقوميين العرب الليبيين الذين لا يعترفون بالحدود السياسية لليبيا كدولة ويعتبرونها صنيعة الإستعمار ووليدة إتفاقية “سايكس بيكو” ويرفضون فكرة (الأمة الليبية) بل وحتى فكرة “الشعب الليبي” على إعتبار أن الشعب العربي – بزعمهم – شعب واحد !!! .. وهم يرفضون التوجهات الوطنية ويعتبرونها توجهات إقليمية قطرية ضيقة يجب محاربتها لأنهم يطمحون إلى إقامة دولة قومية إندماجية واحدة للعرب تطيح بكل الكيانات الوطنية القطرية القائمة وتجمع العرب في دولة واحدة ربما تحت إسم “عريبيا” أو “المملكة العربية” أو الولايات العربية المتحدة!.. وهذا كذلك حال الإسلاميين الليبيين الأممين غير الوطنيين وهم ذلك الفريق من الإسلاميين الليبيين الذين لا يعترفون بمفهوم الأمة الليبية والوطنية الليبية ويعتبرونها “نعرة منتنة” من “النعرات الجاهلية” !! .. وهم يطمحون إلى إقامة دولة إسلامية واحدة تضم كل المسلمين تحت إسم دولة الخلافة أو الإمارة الإسلامية !!.
0 التعليقات:
إرسال تعليق