الجمعة، 17 ديسمبر 2010

عن حضارة جرمة

عن حضارة جرمة
ألقى البرفيسور ” ديفيد جي ماتنجلي” أستاذ الآثار بجامعة “ليستر” البريطانية، محاضرة أفردها لأبرز نتائج دراسات وأبحاث ميدانية استمرت زهاء 30 عاماً في منطقة وادي الحياة، لتتبع فصول أكثر حضارات الصحراء غموضاً، أوضح فيها أن حضارة الجرمنت تشكل أول حضارة متقدمة جداً ومزدهرة في ليبيا، و مستقلة عن الحضارات السائدة في منطقة حوض البحر المتوسط، وأول دولة كبرى في الصحراء الوسطى، أثرت بحضارتها في التطور العمراني في منطقة عموم الصحراء الكبرى، إضافة إلى أن الجرمنت أول من وضع رموز للكتابة الليبية، قبل 2000 عام، وكانت جرمة القاعدة الرئيسة التي انطلقت منها الأفكار والمعارف الجديدة . لتطويع التقنيات المنتشرة في الصحراء.
انجاز استثنائي
وأشار “ماتنجلي” في المحاضرة التي ألقاها بمتحف ليبيا مساء أمس الأثنين 18\ 10 برعاية مصلحة الآثار وشركة بي بي للنفط والاستكشافات، إلى إن الجرمنت أسسوا لقيام حضارة كبرى، شهدت تطوراً في مختلف مجالات الحياة، وأسسوا لأنظمة زراعية وطرق ري بإستخدام الفقارات التي أحالت الصحارى إلى جنان من الاخضرار، واستفادو من المسارب الصحراوية التي رسموها في وضع أسس للتجارة العابرة، والاستفادة من الابل والخيل في المضي إلى أبعد مدى ببضائعهم وسلعهم التجارية إلى مناطق شاسعة من الصحراء الكبرى، كما إن الجرمنت كانوا حرفيين خبراء في الصناعات، وانتجوا المنسوجات ذات الألوان المثيرة والغريبة، واستخدموا العقيق الأحمر في صناعة الحلي، خالصاً إلى حقيقة مفادها أن جرمة نمت وإزدهرت وسط ظروف مناخية وبيئية قاسية، وماحققه هؤلاء القوم استثنائي بمقاييس ذلك الزمن.
مملكة متكاملة التفاصيل
وأضاف “ماتنجلي” أن مشروع البحث الأثري للدكتور” تشالز دانليز” خلال الفترة من 1958 – 1977 أومايعرف بمشروع ” الجرمنت في فزان”، وإستمرار فريق جامعة ” ليستر” خلال القرن المنصرم قد كشفت عن دلائل تؤكد أن الجرمنت أسسوا حضارة إستثنائية وسط الصحراء تدلل على أن الجرمنت مارسوا التجارة بمهارة عالية، وزرعوا الأرض بكفاءة منقطعة النظير، وحققوا نجاحات باهرة في التصنيع وإستخدموا تقنيات متقدمة في إنتاج المعادن وصناعة الزجاج والأحجار الكريمة، وبعبارة أخرى جرمة أستوفت جميع المعايير التي تحدد الحضارة.. تتجلى مفرداتها في الممرات الأرضية والقنوات المخفية التي كانت احتاجت إلى 70 ألف رجل لإنجازها، وظلت سراً من أسرار بقاء وإزدهار مملكة الصحراء وعاصمة سادتها الجرمنتيين خلال الألف الأولى قبل الميلاد، ذلك العمل الذي إحتاج إلى جهد كبير لشق طرقاته وصيانة مساراته لتؤدى دورها في إقتصاد جرمة، الأمر الذي وقف الكثير من علماء الآثار أمامه بإنبهار وإعجاب مادفع الأستاذ ” ديفيد أدواردز” من جامعة لستر معبراً عن فكرة الفقارات بالقول ” إن العمل الذي قامت به هذه الأقوام مذهل” … فقط لأنه أمد جرمة بالحياة وأمن لسكانها سبل العيش والإكتفاء الذاتي من الغذاء، خصوصاً إذا ماعلم أن أعداد الفقارات الجرمنتية يتجاوز 550 فقارة تتعدى أطوالها مئات الآلاف من الكيلو مترات على طول إمتداد وادي الحياة والجفرة إلى منطقة مرزق ووادي الشاطيء.
سانية بن هويدي
وعرج المحاضر على شواهد سانية بن هويدي المطلة من على ربوة تبعد 2 كم جنوب شرق مدينة جرمة، التي تحتضن أبرز النماذج المعبرة عن طرق وأساليب الدفن لدى الجرمنت، حيث تحوي المقبرة على ثلاثة أنواع من المقابر المشيدة بالطوب اللبني، وشيدت الأولى على شكل مربع والأخرى دائرية والثالثة دائرية الشكل لها فتحة علوية وهذا النوع ليس له مائدة قربان، أما الأشكال الأخرى من القبور لها موائد قرابين على شكل حجر مستطيل به حفر توضع عليها أحجار .
الحي الصناعي
وفي سانية جبريل أزاحت الدراسات عن بعض المباني يبدو أنها ورش صناعية، حيث عثر في المنطقة على آثار بعض الأفران وبقايا معدات غزل النسيج، ومخلفات علمية صهر الحديد، وصناعة الزجاج، وآنية فخارية، وهذا الجزء ماتم كشفه حتى الآن غير أن الحفريات لأزالت مستمرة للكشف عن بقية آثار الموقع.
ولايزال موقع سانية جبريل بمدينة جرمة وعدد من المقابر في محيط جبل ” زنكيكرا” تخفي الكثير من أسرار الحضارة الليبية، هذا فضلا عن أهم المواقع المنتشرة على مساحات شاسعة من أراضي الصحراء الليبية التي لم يكشف عن ماتحمله من مواقع تاريخية، هذا جزء من معالم برزت وأذهلت العالم ولايزال الكثير ينتظر وصول البعثات الأثرية للكشف عن بقايا جبل الجليد الذي ظهر رأسه ورأت معالمه النور ويبقى الكثير في أرض التاريخ والحضارة تختفي إلى حي
ن .
الكاتب: عن صحيفة اوي

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شارك المحتوى

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More