الورقة التوجيهية للمؤتمر التأسيسي للشباب الأمازيغي وسط المغرب- المنعقد يومي 4 و5 دجنبر2010
كانت هذه بعض الأسئلة التي راودت جيل من المثقفين و المفكرين الأمازيغ الذين فطنوا لأهمية هذه الحلقة المفقودة ، ففهموا أن الإرث الأمازيغي لا يمكن تجاوزه لفهم الشخصية التاريخية المغربية ، و عملوا على أن يدرك المخزن و حلفاؤه الموضوعيون أن مفهوم تمازغا لا كمجال جغرافي ،فقط ،بل كبعد حضاري أعطى شمال إفريقيا مكانة و هوية ذات أبعاد كونية أغنت حضارات حوض البحر الأبيض المتوسط . بذلك تشكلت النواة الأولى للوعي الأمازيغي لفهم وتفكيك مخططات اللوبي المعادي للقضية الأمازيغية من داخل جهاز الدولة، من أجل مغرب تزينه تقاسيم الاختلاف و التنوع بما يفرضه ذلك من استكمال مهمات الحداثة و العلمانية و الحرية السياسية، ليعبر الشعب المغربي عن إرادته ويمتلك مصيره ،بعيدا عن الإقصاءات و التصنيفات المختزلة لإنسانية الإنسان في هويات قاسية، وعي يتجاوز مطبات النظام السياسي المغربي ونخبه العقيمة .
فبعد أقل من سنتين ، أي في 2012 ، ستحل الذكرى المائة على فرض معاهدة الحماية الفرنسية المشئومة على المغرب ، و مع هذه الذكرى نقف إجلالا لتلك المقاومة الشعبية التي خاضتها القبائل الأمازيغية بدون استثناء ، من 1912 حتى 1934 ، كما نستحضر بقلوب جريحة آثار تلك الحملة العسكرية الاستعمارية التي أغرقت المقاومين في الدماء وخربت ممتلكاتهم ودمرت بنياتهم الاقتصادية والسوسيوثقافية التي ظلت حصنهم المنيع ضد الأطماع الأجنبية . ومع نهاية المقاومة الشعبية المسلحة ، تمكن المستعمر من وضع يده على الثروات الطبيعية للبلاد ، كما اغتصب الممتلكات الجماعية للقبائل الثائرة و أحاط اغتصابه لها بترسانة من القوانين ، جعلت منها ممتلكات للدولة ، تتصرف في توزيع الغني منها على المعمرين والشركات الرأسمالية، بينما أبقت غير الصالح منها في أيدي ذوي الحقوق ، يستغلونها تحت وصاية الإدارة التي تتدخل في النزاعات بحسب درجة ولاء القبائل لها . وفي أفق تهييىء محاورين من المغاربة ، حمل نظام الحماية إلى الواجهة السياسية نخبة من أبناء الفئات الاجتماعية التي احتمت به سنة 1912 وتولت تأطيرهم السياسي "لجنة الرعاية" الفرنسية المكونة من شخصيات سياسية فرنسية . وفي سنة 1934 تأسس حزب " كتلة العمل المغربي" على أساس أرضية سياسية تم تقديمها إلى الدولة الفرنسية باسم لجنة وطنية تمثل نظاما مغربيا بديلا ، توافق حوله المحتمون من المدن المغربية الأساسية .
ولأول مرة في تاريخ المغرب جعلوا الهوية العربية الإسلامية وحدها أساسا للوحدة المغربية،وتأكيدا على ولائهم لنظام الحماية، تعبيرا عن انشراحهم لدحر "السيبة البربرية" دعوا الدولة الفرنسية إلى تطبيق الإصلاحات التي أقرتها معاهدة الحماية وتمتعيهم بنصيبهم من الغنيمة. وفي صيف 1955 ، أيقن المستعمر أنه راحل عن المغرب لا محالة ، فاستدعى المحتمين به إلى مفاوضات إيكس ليبان لوضع ترتيبات إنهاء نظام الحماية ، أسفر اللقاء عن اتفاق يحفظ للدولة الفرنسية مصالحها في المغرب ، مقابل اعترافها للأحزاب المتفاوضة المنحدرة من حزب " كتلة العمل المغربي" بتمثيلها للشعب المغربي في المحافل الدولية والعمل على تسهيل تولي رجالها مراكز القرار في المغرب المستقبل. وفعلا خرج المستعمر سنة 1956 وحصل المغرب على استقلاله، لكنه وطبقا لاتفاقيات إيكس ليبان ، تم تمديد العمل ، بعد مغربتها، بالنظم القانونية والإدارية المؤطرة للثروات الطبيعية وكذا ترسيم الذين ينتمون إلى التوجهات البنوية للنظام البديل خاصة منها البند المحدد لمفهوم الوحدة الوطنية المغربية.
وإستنادا إلى هذه اللمحة التاريخية نقترح هذه الورقة كمحاولة لإزالة الوهم عن جانب مهم من التاريخ السياسي المغربي و تداعياته الراهنة و استدراكا للتقصير الذي ألحقه البعض بمثل التحرر و الديمقراطية الحقة،إعادة الاعتبار للمقومة الشعبية وأبطالها الذين قاموا بدورهم كاملا في كفاحنا الوطني ولم يكتب التاريخ بعد أسماءهم ولم يسجل تفاصيل حياتهم ،ولم تقم لجنة تدعو إلى إقامة تماثيل لهم في الميادين العامة، ولكن حياتهم أغنى من حياة الكثيرين ممن سجل التاريخ الرسمي أسماءهم وتفاصيل حياتهم وممن عمدت المدارس و الشوارع بأسماءهم. هذه المعاني السياسية نسوقها لأن الذاكرة الجماعية لشعبنا عرفت هؤلاء المجهولين ولأنهم يرمزون إلى شعب المغرب كافة ، شعب المغرب المناضل الذي لم يهادن الاستعمار ولم يساوم "ليوطي".
و إنطلاقا من إيماننا بالأدوار التاريخية التي يمكن أن يلعبها الشباب في الدفاع عن قيمه و حضارته و نبد الإيديولوجية الإقصائية و التصدي لها على المستوى الفكري و السياسي . فهده الإيديولوجية التي ابتلي بها المغرب واضعة بذلك النظام الإجتماعي في أزمات اجتماعية و وجودية قبل أن تكون أزمة حضارة. وكمحاولة لإعادة الاعتبار للهوية و الشخصية المغربية التي جعلت من عبد الكريم الخطابي أحد رموز التحرر الوطني عالميا،فرغم تغير الإطار التاريخي لهذا الوعي الأمازيغي ، سيبقى على تواصل مع كل الفئات التي لها مصلحة في التحرر و التقدم .
و لضمان انخراط فعال للشباب في قضايا وطنه و خاصة إذا كان الالتزام من بوابة الوجع الكبير بوابة الإحساس بالنكران و عدم الاعتراف الذي قوبل به العطاء الأمازيغي اللامشروط لصالح هذه الأرض في محطات تاريخية معروفة ، فبالرغم من الانتكاسات لازال هذا الوعي حيا و يتعايش في ضنك مع أشكال الوعي الاجتماعي الهجين و الضيق الذي أثث المشهد السياسي المغربي ، وحيث أصبح لزاما تبني مواقف تنأى عن التسطيح و الابتذال و خلق إطار تنظيمي مسكون بموجة العمق الفكري و السياسي ، سلوك إجتماعي جديد يمتزج فيه عمق التاريخ بالمثل السياسية التي دافع عنها الأسلاف و يتأمل إكراهات المغرب المعاصر في شتى المجالات، فهو تصور لن يقطع فيه الشباب الأمازيغي مع الحسابات الضيقة للأليغارشية الحاكمة فحسب بل يستطيع أن يخلق وعيا سياسيا يحترم الخصوصية المغربية بتقاطعاتها التاريخية و السياسية ،حيث أن ظروف المرحلة تفرض على الشباب وعي سياسي بهموم الحداثة و الهوية التقدمية ، و قادر على التأثير على الإيقاع السياسي في بلادنا ليقدم مشروعا في بعد كوني عميق أرقى من الوضع الراهن الذي يحرص عليه من يتحكمون في مصير الشعب المغربي .
وقد سبق مرحلة التأسيس هذه العديد من اللقاءات على الصعيد الجهوي والوطني، تم التداول مع العديد من الفعاليات الغيورة على القضية الأمازيغية حول السبل والإمكانيات لخلق إطار شبابي يعنى بالقضية الأمازيغية في أبعادها الثقافية والسياسية والاقتصادية ، وهذه اللقاءات كانت لحظة لاستفزاز فكر الشباب والرواد حول رهانات القضية الأمازيغية وإعطاءها النفس الجديد لتتلأم والمعطيات الجديدة التي تعرفها الأمازيغية من خلال التفكير في خلق إطار سياسي يتجاوز المنظور الثقافي الذي لازم الحركة الأمازيغية منذ نشأتها والانفتاح على مجالات أرحب للفعل السياسي وحامل لمشروع مجتمعي في أبعاده الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ، كما كانت تلك اللقاءات فرصة سجل فيه الجميع الوعي الذي بدأ يتشكل بضرورة الرقي بممارسة الحركة الأمازيغية في آلياتها التنظيمية وصقل أدواتها في أفق تحقيق المشروع المجتمعي المطلوب تاريخيا،وعليه فالشباب المعتز بهويته الأمازيغية المستمدة من الأرض يعتبر نفسه إمتدادا لحركة المقاومة الشعبية التي عارضت فرض نظام الحماية. ومن هذا المنطلق يجب الالتزام بالمبادئ التي قاوم من أجلها أجدادنا ونخص بالذكر رفض احتلال الأرض واغتصاب حقوق أهلها و تدمير معالم الهوية الثقافية الأمازيغية الأصلية للمغرب . ونود أن نركز على أهمية الوعي بالنسبة للحركة الأمازيغية والشباب الأمازيغي على وجه الخصوص لتطوير القدرة والفعالية لبلوغ الأهداف ، من خلال خلق فضاء سياسي متجانس قادر على التأثير وذو قوة اقتراحية داخل المجتمع المغربي ، فكلما حاولنا الاندماج في المبادرات التنموية التي نسعى إلى الانخراط فيها كشركاء فاعلين على أساس مبدأ التكامل بين الإنسان ومحيطه ، نصطدم بمخلفات الحماية .
فالواقع الاجتماعي العام المتسم بالانفصام الثقافي والاجترار السياسي والركود الاقتصادي يتطلب من الشباب المغربي التعبئة والنضال من أجل أن تستعيد الدولة المغربية مقوماتها الوطنية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ المتمثلة في هويتها الأمازيغية المستمدة من الأرض الراعية للتعدد اللغوي والديني والتنوع الثقافي ،وكذا التأسيس لعلاقة اجتماعية تنبني على الاستحقاق و الكفاءة ،بعيدا عن منطق الولاءات، إقتصاد الريع و أشكال الوعي العشائري و العائلي الضيق .
إذا فصراع الشباب الأمازيغي صراع يتخذ عدة أبعاد من أجل إثبات الهوية الأمازيغية وضمان حقوقها في التواجد والتداول والاستمرارية ، كما أنه صراع متأصل في الحركة الاجتماعية التي عرفها المغرب من أجل الدفاع عن كرامة الإنسان وحقه المشروع في العيش الكريم ، حيث أن الوعي الأمازيغي هو وريث المقاومة المسلحة ضد المستعمر ورافد من روافد حركة التحرر الوطني المناهضة للإستعمار والإستغلال والميز العنصري ،وكذا كل أشكال إهدار الثقافة والثروة الوطنية كسلوك ميز المخزن المغربي قبل وبعد اتفاقية - إيكس ليبان - السيئة الذكر ، التي سجل فيها التاريخ التفاف ما يسمى بالحركة الوطنية على مطالب الشعب المغربي في الإنعتاق والتحرر من الاستعمار وتم التنكر للتضحيات الجسام للمقاومين الأحرار على رأسهم عسوا أوباسلام ،عبد الكريم الخطابي، محا وأحو الزياني والآلاف الشهداء الذين نكل بهم المستعمر .
ضدا على الإيديولوجية التقليدية الممسوخة التي أهدرت الشخصية الثقافية المغربية وسنت سياسات ممنهجة لتعميق الاغتراب الثقافي والهوياتي ودمرت الأساس المادي و الاقتصادي لهذه الفئات التي تعاني العزلة والإقصاء الاجتماعي و المجالي ، نعتبر أن المطالب الأمازيغية مشروعة بحكم التاريخ واستنادا إلى المشروعية الدولية والمواثيق العالمية بهذا الشأن. وبديهي أن العمل على رفع التهميش على الثقافة الأمازيغية في الممارسة السياسية يوازيه النضال من أجل تحقيق المطالب في جميع المجالات السوسيو اقتصادية والقضاء على مظاهر الحيف والطمس التاريخي وكذا أساليب الاسترزاق والمساومة بنضالات الأمازيع وتحجيمها. فمن الخطأ اعتبار الإصلاحات الجارية بهذا الخصوص من قبيل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية و الإعلام الأمازيغي الرسمي وتدريس الامازيغية ، استنفادا للمطالب الأمازيغية وبالتالي النكوص والاستكانة لهذه الاستجابة الشعبوية للدولة المغربية ، بيد أن حسن النية تقتضي النظر الى هذه المبادرات كلبنات أولى لإلغاء مظاهر التمييز في شتى المجالات والحسم مع الانتهاكات التي اكتوى بنارها الأمازيغ من خلال مصادرة مصادر الثروة التي صاحبت تدمير المقاومة الأمازيغية الباسلة مرورا بالاستقلال الشكلي المنبثق عن اتفاقية إيكس ليبان .
فرهان الشبيبة الأمازيغية يتأسس حول صقل الوعي السياسي والقدرات التنظيمية لضمان فعالية لهذه الحركة ، فالتمايزات الاجتماعية والجغرافية لشباب الحركة الامازيغية لا يجب أن يكون حاجزا تتوارى من خلفه وحدة الجذور التاريخية للقضية ووحدة المصير الجماعي للشعب المغربي، وما يميز الإطار هي الفئة الشابة المؤمنة بالقضية والقادرة على العطاء ومنح دينامية وقاعدة مادية اجتماعية للوعي الأمازيغي واستكمال صرح المشروع المجتمعي الوطني ،لأن الموحد والناظم هي القضية الأمازيغية بجدورها التاريخية وتداعياتها السياسية بالمغرب الكبير، فتشبتنا بانصاف المكون الأمازيغي لا يضاهيه إلا الإصرار على تماسك النسيج الاجتماعي للشخصية المغربية ،ولا نجد في إرث المقاومة الشعبية بالأمس وملامح الوعي السياسي الأمازيغي اليوم إلا ما يعزز هذا التوجه في بلورة وعي وطني متقدم ،و نريد من وراء هذا الاختيار التأكيد على الفهم العميق بترابط العمل السياسي الاجتماعي و الوطني ضدا على أجندة النخبة المتحكمة في القرار السياسي ومصالحها المرتبطة بالأطماع الأجنبية .
فدور الشباب يبقى إيجابيا و إستراتيجيا لتجديد دماء الحركة وضمان الاستمرارية والتراكم لقدرتهم على التواصل كفئة مثقفة تستبطن قيم الحداثة والكونية وتختار زاوية النظر هذه لفهم التاريخ المغربي ومقاربة رهانات حاضره . واستنادا إلى هذا الجوهر المؤطر فطبيعة العمل النضالي للشباب الأمازيغي يجب أن تكون تقدمية باعتباره جزءا لا يتجزأ من الحركة الاجتماعية المناهضة للحيف الاجتماعي والإقصاء الثقافي، كما أن الشبيبة تؤمن بقيم التضامن الضاربة جذورها في تاريخ الأمازيغ، وتتمسك بالديمقراطية كأداة للتداول حول التدبير السياسي للشأن العام .
حيث أن النظام الاجتماعي الراهن وصل إلى درجة من التدهور وعدم التماسك يصعب معه التفاؤل بالمستقبل، أصبح لزاما تطوير مطالب الحركة الأمازيغية وجميع القوى الديمقراطية والتقدمية في خطابها لنصل إلى درجة إرغام الدولة على إعادة التفكير في الهوية الوطنية الأمازيغية ودفعها إلى اتخاذ مواقف ديمقراطية في هذا الصدد ،إذ نشدد على دور منظمات المجتمع المدني التي تمتلك حصانة ضد الإستيلاب الإيديولوجي من أجل إلغاء أشكال الحيف الثقافي والاجتماعي وتعزيز البعد الدولي لهذه المطالب من خلال الأخذ بعين الإعتبار العوامل الحقيقية التي لها علاقة بعمق الإشكالية الاجتماعية بالمغرب وتعقيداتها التاريخية بعيدا عن عقد الأمازيغوفوبيا ، وإذ نسجل جنوح الخطاب الرسمي إلى السهولة والشعبوية في معالجة الملفات الشائكة في القضية الأمازيغية وعلاقتها بالصراع الاجتماعي العام والوضع الجيوسياسي للمغرب ،وإذ نعتبر أنفسنا جزءا من الحركة الاجتماعية التقدمية نشجع كل المبادرات التي تقطع مع الخطابات السابقة والقضاء على التناقضات الثقافية والاجتماعية التي لا تزيد الوضع السياسي المغشوش أساسا إلا تدهورا ، وما التقارير الدولية في شتى المجالات إلا دليل على الإخفاق الواضح للسياسات العمومية ، لان المخزن بعيد كل البعد عن قيم الحكامة الجيدة التي يتداولها الخطاب الرسمي في ظل غياب إرادة صادقة في الإعتراف الرسمي بالأمازيغية وتأكيد دورها التاريخي والتكيف معها كإبنة شرعية لهذه الأرض ، وفي ظل غياب إرادة صادقة لتطوير الاقتصاد المغربي والذود عن ثرواته،وإزالة الوهم عن جانب مهم من التاريخ السياسي المغربي وتداعياته الراهنة ،واستدراكا للتقصير الذي ألحقه البعض بمثل التحرر و الديمقراطية الحقة .
لذلك فالمصالحة مع الماضي في سياق أي إنتقال إيجابي في المغرب لا يتم إلا بالقضاء على التفاوتات المجالية والاجتماعية والثقافية لصالح مناطق لازالت تعتبر مغربا غير نافع وإرساء بنيات تحتية إقتصادية واجتماعية يراعى في الإعتمادات المرصودة لها شكلا من التمييز الإيجابي لتدارك عقود الإقصاء الممنهج ، فهي تدابير نعتبرها ملحة لتفادي مأساة العقود الماضية إستجابة للإنتظارات الإجتماعية لسكان هذه المناطق ورفع العزلة الثقافية والاجتماعية عن شريحة من المواطنين يستقرون في مناطق ذات تضاريس وعرة، تنعدم فيها أدنى الخدمات الأساسية سواء المتعلقة بالتعليم والصحة.
ويبدو مما سبق أن للدولة عقدة مركبة مع التاريخ ومن ثم نلاحظ أنها تارة تلجأ إلى رفض وقائعه كالمبالغة في مفهوم السيبة ، يوازيه التردد الراهن في إرساء مقومات الجهوية الحقة وتدبير ناجع للشأن المحلي يحترم الخصوصيات المحلية إقتصاديا وتقافيا ،مما يتطلب تجاوز المركزية المجحفة و التنازل عن صلاحيات سياسية لصالح النخب المحلية.
الاحتكام إلى التاريخ المعاصر قصد إبراز مسؤولية الدولة تجاه الشعب الأمازيغي الأصلي من خلال إستقدام الحماية الغربية للقضاء على النظم الإجتماعية الأمازيغية وسحق المقاومة المسلحة ،لبناء مغرب أخر على المقاس بموجب اتفاقية إيكس ليبان ،تم تهميش المكون الأمازيغي سياسيا وفرض عزلة ممنهجة عليه بالجبال والمسالك الوعرة في إطار ما سمي بالمغرب غير النافع ليؤسس بذلك لنظام اجتماعي تغيب عنه العدلة الإجتماعية . كل هذه الحسابات التي حكمت المخزن المغربي مع القوى الأجنبية و الإتفاقيات المجحفة في حق هذا الوطن نعتبرها ملغاة ، وعلى الدولة الحالية أن تطرح القضية على بساط النقاش وعلى هذا النقاش أن يستمر حتى تنكشف تلكم النوايا و المساومات التي تمخضت وأنتجت هذه الأوضاع الاجتماعية و الثقافية المختلة والتي يرزح المجتمع تحت ثقلها في مشهد سياسي يعيد إنتاج نفس المأسي الاجتماعية .
عن اللجنة التحضيرية
0 التعليقات:
إرسال تعليق